كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: المقدمة)

فأما الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه، فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه، فمتى جاء صاحب الكرم فماذا يفعل بأولئك الكرامين؟ .. قالوا له انه يهلك أولئك الأردياء هلاكا رديئا ويسلم الكرم الى كرامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها.. قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب ان الحجر الذي رفضه البناءون قد صار رأس الزاوية؟ .. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا.. لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه. ولما سمع الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم، وإذ كانوا يريدون أن يمسكوه خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبي» .
هذا المثل يبحثه كتاب المقدمة لترجمة القرآن فيقولون ان السيد المسيح قد لخص به تاريخ الأنبياء والرسل أجمعين. فالكرم هو الدنيا والكرامون العاملون فيه هم الجنس البشري الكادح في دنياه، والثمرات التي يريد صاحب الكرم أن يحصلها هي ثمرات الفضيلة والخير والتقوى، والخدم الموفدون من صاحب الكرم الى الكرامين هم الرسل والأنبياء، ولما جاءهم السيد المسيح بعد اعراضهم عن الرسل والأنبياء فغدروا به وأنكروه عوقبوا بتسليم الكرم الى كرامين آخرين ونزع ملكوت الله منهم لتعطاه الأمة الأخرى الموعودة بالبركة مع أمة إسحاق، وهي أمة إسماعيل ونبيها العظيم محمد عليه السلام، وهو الذي يصدق عليه وعلى قومه أنهم كانوا الحجر المرفوض فأصبح هذا الحجر زاوية البناء من سقط عليه رضه ومن أصيب به فهو كذلك مرضوض.
وتتلو هذه النبوءة في إنجيل متى نبوءة متممة من الإنجيل نفسه حيث جاء في الاصحاح الثالث والعشرين منه خطابا لبني إسرائيل «هو ذا بيتكم يترك لكم

الصفحة 53