كتاب أخبار مكة للفاكهي (اسم الجزء: 1)

31 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَزْرَقِيُّ الْقَاصُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَدِمْنَا مَكَّةَ مَعَ جَدَّتِي أُمِّ عَبْدِ اللهِ فَنَزَلَتْ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَكَانَتْ أُخْتًا لَهَا، قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ قَالَتْ صَفِيَّةُ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أُكَافِئُ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، هِيَ امْرَأَةٌ عَظِيمَةُ الدُّنْيَا، وَقَدْ أَحْسَنَتْ إِلَيْنَا، وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أُكَافِئَهَا، قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهَا حَصَاةٌ مِنَ الرُّكْنَ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ حِينَ أَصَابَهُ الْحَرِيقُ، فَكَانَتْ فِي حُقٍّ وَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَهَا فَتَغْسِلُ تِلْكَ الْحَصَاةَ لَهُمْ فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: مَا أَجِدُ شَيْئًا أُكَافِئُ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةَ إِلَّا هَذِهِ الْحَصَاةَ، قَالَ: فَأَتَتْهَا بِهَا فِي الْحُقِّ فَقَالَتْ: يَا أُخْتَهْ، وَاللهِ مَا أَقْدِرُ أَنْ أُكَافِئَكِ، وَمَا عِنْدِي مَا أُكَافِئُكِ، هَذِهِ حَصَاةٌ مِنَ الرُّكْنَ كُنْتُ أَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى، خُذِيهَا تَنْتَفِعِينَ بِهَا وَتَغْسِلِينَهَا لِلْمَرْضَى، قَالَ: فَأَخَذَتْهَا أُمُّ عَبْدِ اللهِ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْحَرَمِ صُرِعَ أَصْحَابُنَا، فَقَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ: وَيْحَكُمْ، مَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ أَحْدَثْتُمْ فِي الْحَرَمِ حَدَثًا، فَقَالُوا: لَا نَعْلَمُنَا أَحْدَثْنَا فِي الْحَرَمِ حَدَثًا قَالَ: فَقَالَتْ أَنَا صَاحِبَةُ الذَّنْبِ، فَقَامَتْ فَتَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ، ثُمَّ قَالَتِ: انْظُرُوا إِلَى أَمْثَلِكُمْ حَيَاةً وَحَرَكَةً، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَمْثَلَ مِنِّي حَيَاةً وَحَرَكَةً، فَقَالَتْ: شُدُّوا لَهُ عَلَى بَعِيرٍ، ثُمَّ قَالَتِ: ارْكَبْ هَذَا الْبَعِيرَ فَخُذْ هَذَا الْحُقَّ فَاذْهَبْ بِهِ إِلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ فَقُلْ لَهَا: تَقُولُ أُمُّ عَبْدِ اللهِ: §إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ فِي حَرَمِهِ شَيْئًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ حَرَمَهِ، وَإِنَّهُ أَصَابَتْنَا فِي هَذِهِ بَلِيَّةٌ فَخُذِيهَا، وَاتَّقِي اللهَ رَبَّكِ وَلَا تُخْرِجِيهَا مِنَ الْحَرَمِ، -[96]- قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: فَمَا أَنَا إِلَّا أَنْ دَخَلْتُ الْحَرَمَ فَأَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ حَتَّى جِئْتُ بِالْحُقِّ إِلَى صَفِيَّةَ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقَالُوا: مَا هُوَ إِلَّا ظَنَنَّا أَنَّكَ دَخَلْتَ الْحَرَمَ فَجَعَلْنَا نَبْتَعِثُ رَجُلًا رَجُلًا "

الصفحة 95