كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 1)
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا مَعْشَرَ إِيَادٍ، أَيْنَ ثَمُودُ وَعَادٌ؟ وَأَيْنَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ؟ وَأَيْنَ الْعَلِيلُ وَالْعُوَّادُ؟ كُلٌّ لَهُ مُعَادٌ، يُقْسِمُ قُسٌّ بِرَبِّ الْعِبَادِ، وَسَاطِحِ الْمِهَادِ، لَتُحْشَرُنَّ عَلَى الِانْفِرَادِ، فِي يَوْمِ التَّنَادِ، إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ، وَنُقِرَ فِي النَّاقُورِ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ، وَوَعَظَ الْوَاعِظُ، فَانْتَبَذَ الْقَانِطُ وَأَبْصَرَ اللَّاحِظُ، فَوَيْلٌ لِمَنْ صَدَفَ عَنِ الْحَقِّ الْأَشْهَرِ، وَالنُّورِ الْأَزْهَرِ، وَالْعَرْضِ الْأَكْبَرِ، فِي يَوْمِ الْفَصْلِ، وَمِيزَانِ الْعَدْلِ، إِذَا حَكَمَ الْقَدِيرُ، وَشَهِدَ النَّذِيرُ.
وَبَعُدَ النَّصِيرُ، وَظَهَرَ التَّقْصِيرُ، فَفَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ".
وَهُوَ الْقَائِلُ: ذَكَّرَ الْقلب من جواه ادكار * وليال خلالهن نَهَار وسجال هُوَ اطل مِنْ غَمَامٍ * ثُرْنَ مَاءً وَفِي جَوَاهُنَّ نَارُ ضَوْءُهَا يَطْمِسُ الْعُيُونَ وَأَرْعَا * دٌ شِدَادٌ فِي الْخَافِقَيْنَ تَطَارُ وَقُصُورٌ مُشَيَّدَةٌ حَوَتِ الْخَي * رَ وَأُخْرَى خلت فهن قفار وجبال شوامخ راسيات * وبحار مياهن غِزِارُ وَنُجُومٌ تُلُوحُ فِي ظُلَمِ اللَّيْ * لِ نَرَاهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ تُدَارُ ثُمَّ شَمْسٌ يَحُثُّهَا قَمَرُ اللَّيْ * لِ وَكُلٌّ مُتَابِعٌ مَوَّارُ وَصَغِيرٌ وَأَشْمَطٌ وَكَبِيرٌ * كُلُّهُمْ فِي الصَّعِيدِ يَوْمًا مَزَار وَكثير مِمَّا يُقَصِّرُ عَنْهُ * حَدْسُهُ الْخَاطِرُ (1) الَّذِي لَا يَحَارُ فَالَّذِي قَدْ ذَكَرْتُ دَلَّ عَلَى اللَّ * هِـ نُفُوسًا لَهَا هُدًى وَاعْتِبَارُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْمَا نَسِيتُ فَلَسْتُ أَنْسَاهُ بِسُوقِ عُكَاظٍ، وَاقِفًا
عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ يَخْطُبُ النَّاسَ: اجْتَمِعُوا فَاسْمَعُوا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ فَعُوا، وَإِذَا وَعَيْتُمْ فَانْتَفِعُوا، وَقُولُوا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاصْدُقُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، مَطَرٌ
__________
(1) فِي اللآلئ المصنوعة: النَّاظر.
(*)
الصفحة 147