كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 1)
النَّاسُ وَرَأَوْهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالُوا: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: عَبْدِي.
ثُمَّ جَاءُوا فَهَنَّئُوهُ بِهِ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِذَلِكَ.
فَغَلَبَ عَلَيْهِ.
وَسَادَ فِي قُرَيْشٍ سِيَادَةً عَظِيمَةً وَذَهَبَ بِشَرَفِهِمْ وَرِئَاسَتِهِمْ، فَكَانَ جِمَاعُ أَمْرِهِمْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ إِلَيْهِ السِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ بَعْدَ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ الَّذِي جدد حفر زَمْزَم بعد مَا كَانَتْ مَطْمُومَةً مَنْ عَهْدِ جُرْهُمٍ، وَهُوَ أَوَّلُ من طلى الْكَعْبَةَ بِذَهَبٍ فِي أَبْوَابِهَا مِنْ تَيْنَكَ الْغَزَالَتَيْنِ من ذهب اللَّتَيْنِ وَجَدَهُمَا فِي زَمْزَمَ مَعَ تِلْكَ الْأَسْيَافِ الْقَلْعِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ (1) : وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَخُو أَسَدٍ وَنَضْلَةَ (2) وَأَبِي صَيْفِيٍّ وَحَيَّةَ وَخَالِدَةَ وَرُقَيَّةَ وَالشِّفَاءِ وَضَعِيفَةَ.
كُلُّهُمْ أَوْلَادُ هَاشِمٍ، وَاسْمُهُ عَمْرٌو، وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَاشِمًا لَهَشْمِهِ الثَّرِيدَ مَعَ اللَّحْمِ لِقَوْمِهِ فِي سِنِي الْمَحْلِ، كَمَا قَالَ مَطْرُودُ بْنُ كَعْب الخزاعى فِي قصيدته، وَقيل للزبعرى وَالِد عبد الله: عَمْرو الذى (3) هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ * وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ سُنَّتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَتَانِ كِلَاهُمَا * سَفَرُ الشِّتَاءِ وَرِحْلَةُ الْأَصْيَافِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ رِحْلَتَيِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِيهِ.
وَحَكَى ابْن جرير أَنه كَانَ توأم أَخِيهِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَأَنَّ هَاشِمًا خَرَجَ وَرِجْلُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِرَأْسِ عَبْدِ شَمْسٍ،
فَمَا تَخَلَّصَتْ حَتَّى سَالَ بَيْنَهُمَا دَمٌ، فَقَالَ النَّاسُ: بِذَلِكَ يَكُونُ بَيْنَ أَوْلَادِهِمَا حُرُوبٌ، فَكَانَتْ وَقْعَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ سَنَةَ ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة من الْهِجْرَة.
__________
(1) ابْن هِشَام: " فولد هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ، وَخَمْسَ نسْوَة ... " ثمَّ ذكرهم.
وَهَذِه طَريقَة ابْن كثير فِي النَّقْل بِالْمَعْنَى.
(2) المطبوعة: وفضلة.
وَهُوَ تَحْرِيف.
(3) ويروى: عَمْرو العلى.
(*)
الصفحة 185