كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 1)
الْيَمين " " وَأَصْحَاب الشمَال "، فَأَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمين، ثمَّ جعل الْقسمَيْنِ أَثلَاثًا فجعلني خَيرهَا ثلثا، فَذَلِك قَوْله " وَأَصْحَاب الميمنة " " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ " فَأَنَا مِنَ السَّابِقِينَ، وَأَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ.
ثُمَّ جعل الا ثَلَاث قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا قَبِيلَةً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُم إِن الله عليم خَبِير " وَأَنَا أَتْقَى وَلَدِ آدَمَ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَلَا فَخْرَ.
ثُمَّ جَعَلَ الْقَبَائِلَ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا (1) " فَأَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي مُطَهَّرُونَ مِنَ الذُّنُوبِ ".
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ، خَالِ وَلَدِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ بِفِنَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هَذِهِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَثَلُ مُحَمَّدٍ فِي بَنِي هَاشِمٍ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ فِي وَسَطِ النَّتَنِ.
فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَةُ فَأَخْبَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ.
فَقَالَ " مَا بَالُ أَقْوَالٍ تَبْلُغُنِي عَنْ أَقْوَامٍ؟ ! إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ سَبْعًا فَاخْتَارَ الْعَلْيَاءَ مِنْهَا فَأَسْكَنَهَا مَنْ شَاءَ
مَنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَاخْتَارَ مِنَ الْخَلْقِ بَنِي آدَمَ، وَاخْتَارَ مِنْ بَنِي آدَمَ الْعَرَب،
__________
(1) سُورَة الاحزاب 33.
(*)
الصفحة 193