كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 1)

وسأعود إِلَى قصَّة هَذَا الْكتاب وعملى فِيهِ بعد الحَدِيث عَن مُؤَلفه والالمام بشئ من أخباره (1) .
ابْن كثير: هُوَ أَبُو الْفِدَاء عماد الدّين إِسْمَاعِيل، بن عمر، بن كثير، بن ضوء، ابْن كثير، ابْن زرع، القرشى، الشَّافِعِي.
كَانَ أَصله من الْبَصْرَة، وَلكنه نَشأ بِدِمَشْق وتربى بهَا.
ولد بمجدل الْقرْيَة من أَعمال مَدِينَة بصرى شَرْقي دمشق، سنة سَبْعمِائة أَو إِحْدَى وَسَبْعمائة.
وَتوفى بعد أَن فقد بَصَره، فِي يَوْم الْخَمِيس السَّادِس وَالْعِشْرين من شعْبَان سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة، عَن أَربع وَسبعين سنة.
نشأته: كَانَ أَبوهُ خَطِيبًا لقريته،، وَبعد مولد ابْن كثير بِأَرْبَع سِنِين توفى وَالِده، فرباه
أَخُوهُ الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب.
وعَلى هَذَا الاخ تلقى ابْن كثير علومه فِي مبدأ أمره.
ثمَّ انْتقل إِلَى دمشق سنة 706 فِي الْخَامِسَة من عمره.
شُيُوخه: كَانَت دراسة ابْن كثير متجهة إِلَى الْفِقْه والْحَدِيث وعلوم السّنة، إِذْ كَانَت الوجهة الْغَالِبَة فِي عصره، وشيوخه فِي هَذَا المجال كَثِيرُونَ.
__________
(1) تَرْجَمته فِي شذرات الذَّهَب 6 / 231.
والدرر الكامنة 1 / 374 وذيل تذكرة الْحفاظ للحسيني 58.
وديل الطَّبَقَات للسيوطي.
(*)
قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قوم من أسلم يتناضلون بِالسُّيُوفِ فَقَالَ: " ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ وَأَنَا مَعَ بَنِي فلَان " لَاحَدَّ الْفَرِيقَيْنِ، فأمسكوا بِأَيْدِيهِم، فَقَالَ: مالكم؟ قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ، فَقَالَ: " ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ (1) ".
تفرد بِهِ الْبُخَارِيُّ.
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: " ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ " فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ فَقَالَ ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَأَسْلَمُ (2) بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ.
يَعْنِي: وَخُزَاعَةُ فِرْقَةٌ مِمَّنْ كَانَ تَمَزَّقَ مِنْ قَبَائِلِ سَبَأٍ حِينَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ.
كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَكَانَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ مِنْهُمْ، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ سُلَالَتِهِ.
وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ جِنْسُ الْعَرَبِ، لَكِنَّهُ تَأْوِيلٌ بِعِيدٌ إِذْ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِلَا دَلِيلٍ.
لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ الْقَحْطَانِيَّةَ مِنْ عَرَبِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ لَيْسُوا مِنْ
سُلَالَةِ إِسْمَاعِيلَ.
وَعِنْدَهُمْ أَنَّ جَمِيعَ الْعَرَبِ يَنْقَسِمُونَ إِلَى قِسْمَيْنِ: قَحْطَانِيَّةٍ وَعَدْنَانِيَّةٍ.
فَالْقَحْطَانِيَّةُ شَعْبَانِ: سَبَأٌ وَحَضْرَمَوْتُ.
وَالْعَدْنَانِيَّةُ شَعْبَانِ أَيْضًا: رَبِيعَةُ وَمُضَرُ، ابْنًا نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، وَالشَّعْبُ الْخَامِسُ وَهُمْ قُضَاعَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، فَقِيلَ إِنَّهُمْ عَدْنَانِيُّونَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ.
وَيُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجُبَيْرِ بْنِ مَطْعِمٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَعَمِّهِ مُصْعَبِ الزُّبَيْرِيِّ وَابْنِ هِشَامٍ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ: " قُضَاعَةَ بن معد " وَلكنه لَا يَصِحُّ.
قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ.
__________
(1) صَحِيح البُخَارِيّ ج 2 ص 133.
(2) البُخَارِيّ: وَمِنْهُم أسلم.
(*)

الصفحة 4