كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 1)

وأما كونه يؤخذ منه وشطر ماله على قول أبي بكر فلما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «في كل سائمة في كل أربعين بنت لبون من أعطاها مؤتجراً فله أجرها، ومن أبى فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا» (¬1). رواه أبو داود.
قال أحمد: وهو عندي صالح.
وأما كونه يستتاب ثلاثاً إذا لم يمكن أخذها منه فلأن الزكاة أحد مباني الإسلام فاستتيب تاركها ثلاثاً كتارك الصلاة.
وأما كونه يقتل إذا لم يتب ويُخْرِج فلعموم ما تقدم من الحديث وقول أبي بكر الصديق.
وأما كون الزكاة تؤخذ من تركته بعد قتله فلأن القتل لا يسقط ما عليه من دين الآدمي فكذا الزكاة.
وأما كون من قاتل عليها لا يكفر وهو ظاهر كلام المصنف هنا ورواية عن الإمام أحمد فلأن الصحابة رضي الله عنهم لما امتنعوا من قتال مانعي الزكاة لم يعتقدوا كفرهم واتفاقهم بعد على قتالهم لا يستلزم الكفر فبقي على ما كان عليه.
وأما كونه يكفر على قول بعض أصحابنا وهو رواية عن الإمام أحمد فلأن الله تعالى قال: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [التوبة: 11] جعلهم إخواننا في الدين إذا آتوا الزكاة فدل على أنهم إذا لم يؤتوها لا يكونون كذلك.
ولأن أبا بكر الصديق قال لمانعي الزكاة: «لا حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار» (¬2).
قال القاضي: الصحيح من المذهب أنه لا يكفر بشيء من العبادات سوى الصلاة لأن النيابة فيها متعذرة بخلاف غيرها.
ولأن الزكاة المقصود الكلي منها دفع حاجة الفقير وهو حاصل بأدائها مع القتال.
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في سننه (1575) 2: 101 كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة.
(¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8: 335 كتاب الأشربة، باب قتال أهل الردة وما أصيب في أيديهم من متاع المسلمين.

الصفحة 763