كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 1)

وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحل الصدقة لرجل له خمسون درهماً» (¬1) رواه الدارقطني.
فإن قيل: ما الصحيح من الروايتين؟
قيل: الأولى عند المصنف وأبي الخطاب لما تقدم من الحديث الأول، والثانية هي المذهب لما تقدم من الحديث الثاني.
قال: (الثالث: العاملون عليها وهم الجباة لها والحافظون لها. ويشترط أن يكون العامل مسلماً أميناً من غير ذوي القربى، ولا يشترط حريته ولا فقره.
وقال القاضي: لا يشترط إسلامه ولا كونه من غير ذوي القربى. وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط أعطي أجرته من بيت المال).
أما كون العاملين من الأصناف الثمانية فلأن الله تعالى ذكرهم منها.
وأما قول المصنف رحمه الله: وهم الجباة لها؛ فبيان للمراد بهم، ويدخل فيهم الحفظة لها والحساب وما أشبه ذلك؛ لأنهم داخلون في مسمى العامل وقد «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي من الزكاة من هذا شأنه».
وأما كون العامل يشترط أن يكون مسلماً على المذهب فلقوله تعالى: {لا تتخذوا بطانة من دونكم} [آل عمران: 118]، وقوله تعالى: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} [الممتحنة: 1]، وقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} [النساء: 141].
ولأنه يفتقر إلى العلم بالنصب ومقادير الزكاة وقبول قولهم في المأخوذ منه، والكافر ليس من أهل ذلك، وقد روي «أن أبا موسى اتخذ عاملاً نصرانياً. فقال عمر: لا تؤمنوهم حيث خونهم الله، ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله» (¬2).
ولأنه منصب شريف لأحد أركان الإسلام فلم يناله الكافر كالمناصب الشرعية.
وأما كونه يشترط أن يكون أميناً؛ فلئلا يخون في مال المسلمين.
¬__________
(¬1) أخرجه الدارقطني في سننه (3) 2: 121 كتاب الزكاة، باب الغنى التي يحرم السؤال.
(¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10: 127 كتاب آداب القاضي، باب لا ينبغي للقاضي ولا للوالي أن يتخذ كاتباً ذمياً ...

الصفحة 774