كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 1)

وصرح المصنف رحمه الله بقوله: وإن كثر لئلا يتوهم أنه لا يجوز أن يكون قدر نصاب لأن سبب الدفع في ذلك الحاجة إلى ما ذكر فوجب أن يعطى ما بقي السبب عملاً بمقتضاه.
وأما كون من له عيال يأخذ ما يكفيهم فلأن الحاجة داعية إلى إزالة حاجتهم كلهم فجاز الأخذ لهم كلهم كالأخذ لنفسه.
قال: (ولا يعطى أحد منهم مع الغنى إلا أربعة: العامل، والمؤلف، والغارم لإصلاح ذات البين، والغازي).
أما كونه لا يعطى أحد ممن ذكر مع الغنى غير الأربعة المذكورة فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب» (¬1)، وقوله: «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي» (¬2) رواه الترمذي. وقال: حديث حسن.
وأما كون العامل والغارم والغازي يجوز أن يعطوا مع الغنى فلما روى أبو سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله ولعامل عليها أو لغارم ... مختصر» (¬3) رواه أبو داود.
وأما كون المؤلفة قلوبهم يجوز أن يعطوا مع الغنى فلأن إعطائهم لمعنى يعم منفعة المسلمين أشبه الغازي.
قال: (فإن فَضَل مع الغارم والمكاتب والغازي وابن السبيل شيء بعد حاجتهم لزمهم رده. والباقون يأخذون أخذاً مستقراً فلا يردون شيئاً.
وظاهر كلام الخرقي في المكاتب: أنه يأخذ أيضاً أخذاً مستقراً).
أما كون الغارم والغازي وابن السبيل يردون ما فضل عن حاجتهم فلأن السبب زال فيجب رد الفاضل لزوال السبب.
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في سننه (1633) 2: 117 كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغني.
(¬2) أخرجه الترمذي في جامعه (652) 3: 42 كتاب الزكاة، باب ما جاء من لا تحل له الصدقة.
(¬3) أخرجه أبو داود في سننه (1637) 2: 119 كتاب الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني.

الصفحة 782