كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 1)

وأما كون الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة فلما روت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صدقة الرجل على المسلم صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة» (¬1).
قال: (وتستحب الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه. وإن تصدق بما ينقص مؤونة من تلزمه مؤونته أثم).
أما كون الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه تستحب فلأن الفاضل تطيب النفس بإخراجه من غير كلفة ومشقة قال الله تعالى: {يسألونك ماذا ينفقون قل العفو} [البقرة: 215]. قال أهل التفسير: هو الفاضل عن حاجته وحاجة عياله.
وأما كون من تصدق بما ينقص مؤونة من تلزمه مؤونته يأثم فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» (¬2) رواه أبو داود.
ولأن نفقة من تلزمه مؤونته واجبة فإذا تركها أو بعضها أثم كسائر الواجبات.
قال: (ومن أراد الصدقة بماله كله وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك، وإن لم يثق من نفسه لم يجز له. ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة).
أما كون من علم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة له الصدقة بماله كله فـ «لأن أبا بكر رضي الله عنه تصدق بجميع ماله، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لعيالك؟ فقال: الله ورسوله» (¬3).
¬__________
(¬1) أخرجه الترمذي في جامعه (658) 3: 46 كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة. قال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه النسائي في سننه (2582) 5: 92 كتاب الزكاة، الصدقة على الأقارب.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (1844) 1: 591 كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، كلهم عن سلمان بن عامر.
(¬2) أخرجه أبو داود في سننه (1692) 2: 132 كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم.
(¬3) أخرجه أبو داود في سننه (1678) 2: 129 كتاب الزكاة، باب في الرخصة في ذلك .... والترمذي في جامعه (3675) 5: 614 كتاب المناقب، باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

الصفحة 792