كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم (اسم الجزء: 1)

2 - يحتفظ النحويون لأنفسهم بحرية الرأي وانطلاق الفكر، فلا يعرفون الْحَجْر على الآراء، ولا تقديس رأي الفرد مهما علت منزلته.
قال أبو الفتح: «اعلم أن إجماع أهل البلدين إنما يكون حجة إذا أعطاك خصمك يده ألا يخالف المنصوص، والمقيص على المنصوص، فأما إن لم يعط يده بذلك فلا يكون إجماعهم حجة عليه. وذلك أنه لم يرد ممن يطاع أمره في قرآن ولا سنة أنهم لا يجتمعون على الخطأ، كما جاء النص عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من قوله: «أمتي لا تجتمع على ضلالة» وإنما هو علم منتزع من استقراء هذه اللغة، فكل من فرق له عن علة صحيحة، وطريق نهجه كان خليل نفسه، وأبا عمرو فكره» الخصائص 1: 189 - 190.
ويقول أبو حيان: لسنا متعبدين بمذهب البصريين.
سيببويه إمام البصريين غير منازع ولا مدافع تعرض كتابه لنقد من نحاة البصرة: الأخفش، المازني، المبرد، وما أكثر ما استعمل المبرد الأسلوب اللاذع في نقد سيبويه، حتى ابن القيم وهو ليس معدودًا في النحاة - يقول في البدائع 3: 28: «فسيبويه - رحمه الله - ممن يؤخذ من قوله ويترك، وأما أن يعتقد صحة قوله في كل شيء فكلا». ولم يكن هذا صادرًا عن صلف وكبرياء، فللنحويين تواضع عجيب: سيبويه الذي أثار إعجاب الناس بكتابه، وظفر بتقديرهم لم يبدأه بخطبة يكشف فيها عن جهوده، وإنما بدأه بالبسملة ثم دخل إلى الموضوع وكذلك فعل المبرد في «المقتضب».
نظر الخليل في فقه لأبي حنيفة، فقيل له: كيف تراه؟

الصفحة 14