كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

يقول: الكلاب أذهبن فؤاد الثور. والضاريات: المتعوّدات. والصبح المصدَّق: المضيء، يقال: صبحٌ صادق وصبحٌ كاذب. وإنما يفزع عند الصبح لأن الصائد يباكره.
ويَعُوذُ بالأَرْطَى (¬1) إذا ما شَفَّهُ ... قَطْرٌ وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
يقول: يعوذ بالأرْطَى ليمتنع. شفّه: جِهَده. وراحَتْه: أصابته ريح. بَلِيل: شمال باردة تنضح الماء. وزَعزَع: ريح شديدة تحرّك كل شيء.
يَرْمي بعَيْنيَه الغُيوبَ وطَرْفُه ... مُغْضٍ، يُصَدِّق طَرْفُه (¬2) ما يَسْمَعُ
الغُيوب: الواحد غَيْب، وهو الموضع الذي لا يُرى ما وراءه. فالثور يرمي بطرقه المواضعَ التي لا يُرى ما وراءها يخاف أن يأتيه منها ما يكره. يقول: هو ينظر ثم يُطرِق وله بين ظَهْرَيْ (¬3) ذلك النظر إغضاء. "يصدِّق طرفُه": يقول: إذا سمع شيئًا رمى ببصره فكان ذلك تصديقا لما سمع؛ لأنه لا يغفل عن النظر حين يتسمّع.
فغدَا يشرِّق مَتْنَه فبدا له ... أُولىَ سَوابقِها قريبًا تُوزَعُ
¬__________
(¬1) في رواية "ويلوذ"؛ ويلوذ ويعوذ كلاهما بمعنى واحد. وفي رواية "ورائحة بليل".
والأرطى: واحده أرطاة، وهو شجر ينبت بالرمل، ينبت عصيا من أصل واحد، ويطول قدر قامة، وله نوار مثل نوار الخلاف، ورائحته طيبة، والبقر تعتاده وتلجأ إليه من المطر والريح الشديدة.
(¬2) ذكروا في تعليل أن نظر الثور يصدّق سمعه أن سمع الوحشية أقوى من بصرها. وروى أبو جعفر أحمد بن عبيد "طرفه" بالنصب، وجعل "ما" فاعلا لقوله: "يصدّق".
(¬3) بين ظهري ذلك النظر، أي في وسطه؛ وكل ما كان في وسط شيء فهو بين ظهريه وظهرانيه.
وعبارة السكريّ: "بين ذلك النظر".

الصفحة 11