بطريقٍ (¬1) آخَر، فهذا أَشَدُّ لالتِباسِه وأنكَرُ له، ومِثْلهُ: "مُواجِهٌ أَشْباهَهُ بالأَسنه (¬2) " والمَطارِب: الطُّرُق، والواحدةُ مَطْرِبة. وذَكَر أبو سعيد أنّ أعرابيًا ذَكر قوما قال: لُصوصُ خِفْيَة ماَ تَرَكُوا زَقَبا إلا سربوا (3) فيه. يقول: ما تَرَكوا سَرَبا (3) خَفيًا إلاَّ سَربوا (¬3) فيه. والزَّقَب: الضّيّقة. وقولُه: مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ، أراد أنّه ضيّق شديد الضِّيق، يبدو مرّةً ويَخْفَى أخرى.
يَجْري بَجوَّتِه مَوجُ السَّرابِ كأنْـ ... ـضاحِ الخُزاعِيِّ حازَت رَنْقَة الرِّيحُ (¬4)
جوّتُه: ساحَتُه. والأَنْضاح: الحِياضُ العِظام، واحدها نَضَحٌ (¬5). وقولهُ: "حازَتْ رَنْقَه الرِّيح" يقول: ذَهَبَتْ بما عليه مِن الغُبار والتراب والرِّيش.
والرَّنْق: الكَدَر، يقال: رَنَقٌ ورَنْق. حازَتْ: جَمَعَتْ؛ ومنه حازَ الشيءَ: إذا جَمَعه. وإنما أراد أنّ هذا السَّراب يجرِى صافيا مِثلَ الماءِ ليس فيه شيءٌ يكدِّره. والخُزاعيّ. رَجُلٌ معلوم.
مُسْتَوْقِدٌ في حَصاهُ الشمسُ تَصْهَرُه ... كأنّه عَجَمٌ بالكَفِّ مَرْضوحُ (¬6)
تَصْهَرُه، أي تُوقِدُه وتُذِيبه، ويقال: صهَرَتْه الشمس إذا اشتدّ وقوعُها عليه وصَمَحَتْه وصقَرَتْه واحد. والصُّهارة: الشيءُ المُذاب.
¬__________
(¬1) كان الأولى أن يقول: "بطرق أخرى" ليوافق قوله في البيت: "مطارب".
(¬2) لم نتبين معنى هذه الكلمة.
(¬3) وردت هذه الألفظ الثلاثة التي تحت هذا الرقم في الأصل بالشين المعجمة؛ وهو تصحيف.
(¬4) يصف الطريق بأنّ السراب يجرى فيه صافيا كماء الحياض التي نفت الريح عنها الكدر والقذى.
(¬5) والنضيح أيضًا بمعنى النضح.
(¬6) في رواية "بالبيد". مكان قوله: "بالكف". يصف ذلك الطريق بشدّة حرارة الشمس عليه وأنها تصهر ما فيه من حصى صغير كأنه النوى المدقوق.