كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

ثَلاثا فلما استُجِيلَ الجَها ... مُ واستَجَمعَ الطِّفْلُ منه رُشوحا
قال أبو سعيد: هذا مَثَل. يقول: استَجْمع السحابُ حتى لحَقَ الصِّغارُ الكِبارَ. يقول، لَحِقَ صِغارُ السحابِ بكبارِه، وكان أوَّلُ متفرّقا فاجتَمَع. قال: فهذا مَثَل؛ شبَّه متفرِّقَ السَّحابِ وصغارَه بالابِل الّتى معها أطفالهُا، وإذا تَبِعَ الطِّفلُ أُمَّه قيل: رشَح، وهو راشِحٌ. يقول: اجتمع بعضُه إلى بعض؛ ويقال: رَشحَ الحُوارُ والظِّبْيُ إذا تَحرّكَ وَمشَى مع أمّه.
مَرَته النُّعامىَ فَلم يَعتَرِفْ ... خِلافَ النُّعامَىَ مِنَ الشاِم رِيحا
يقول: فلمّا اجتَمَع وتَمَّ مَرَتْه النُّعامى، أي استَدَرَّتهْ واستَنزلت ماءهَ. والنُّعامىَ: الجنوب. قال: ولا يَصِفون المَطَرَ إلا بها، فَلم يَعَترِف ريحا غيرَها، أي لَم يُشمَل.
قال: ومِثْلهُ قول الآخَر:
حارَ وعَقَّتْ مُزنَه الرِّيحُ وانْـ ... ـقار (¬1) به العَرْضُ ولَم يُشْمَل
ويقال: إن الشَّمال إذا جاءت بالحجاز قَرَّقَت الغَيْم، ويسمِّيها بعضُ العرب: مَحْوَة.
قال: ومثلُه قول الآخر:
* غداة تخالهُمْ مَحْوا حسا (¬2) * كذا.
فَحطَّ من الحُزَنِ المُغْفِرا ... تِ والطَّيْرُ تَلثَقُ (¬3) حتى تَصيحا
¬__________
(¬1) انقار به العرض، أي تفوّر ووقعت ناحية منه.
(¬2) لم نجد هذا الشطر فيما راجعناه من المظانّ؛ ولم نتبيّن المراد منه؛ وقد أشار الشارح إلى ذلك بقوله بعد: "كذا".
(¬3) تلثق: تبتل.

الصفحة 132