كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

فلا تُتْبِع الأَفْعَىَ يَدَيْكَ تَنُوُشها ... ودَعْها إذا ما غَيّبَتَها سَفاتهُا
وأَطفيءْ ولا تُوقدْ ولا تَكُ مِحْضأً ... لنِار العُداة أنْ تَطير شكاتُها
ويرُوَى: "محضَبًا" (¬1)، قال الشاعر:
حَضَأْتُ له نارى فأَبْصَرَ ضوءها ... وما كان لولا حَضْؤُه (¬2) النارَ يهْتَدِى
والمِحْضَأُ: العُود الذي تُقْدَحُ به النارُ.
فإنّ مِن القوْل الّتي لا شَوَى لها ... إذا زَلَّ عن ظَهْرِ اللَّسان انفلاتُها
لا شَوى لها، يقول: هي مَقْتَلٌ تَقْتُل صاحَبها إنْ نَطَق بها، وإن هو حبَسَها سَلِمَ؛ وهذا مِن قولهِم: "رمَىَ الصيد فَأَشْواه" إذا لم يُصِب مَقْتَلَه؛ و "رماه فأقْصَدَه"، إذا أصاب منه مَقْتَلا؛ ثم كثُر هذا (¬3) على ألسنتهم قالوا إذا رماه ولم يَقتُلْه: أشواه. وأصلُ الشَّوَى: القَوائم، وهي غير مَقتَل.
ومَوْقِعُها ضَخْمٌ إذا هِيَ أُرْسِلَتْ ... ولو كُفِتَتْ كانت يسيرًا كِفاتُها
كُفِتتْ: حُبِستْ وقُبِضَت، ويقال: اللهمّ اكفِتْه إليك، أي اقبِضْه.
ويقال: اِنكفِتْ في حاجتك، أي انقبِضْ فيها. قال أبو سعيد: وفي بعض الكتب يقال لبَقِيع الغَرْقَد: كَفْتَة، لأنَّهم يَدْفنون فيه المَوْتى.
ولمّا تَطِبْ نَفْسِي بإرسالِها لَكُم ... وهل يَنْفَعَنْ نفسي إليكمْ أَناتهُا؟
¬__________
(¬1) في الأصل: "محضئا"؛ وهو تحريف، والمحضب والمحضأ بمعنى واحد.
(¬2) لعله "حَضْئى".
(¬3) كذا في الأصل. وفي العبارة اقتضاب، والمراد واضح.

الصفحة 163