وشَوَّذَتْ شَمسُهمْ (¬1) إذ اطَّلعتْ ... بالجُلْبِ هِفًا (¬2) كأنّه الكَتَمُ
شَوَّذتْ: عَمَّمتْ. واسم العِمامة المِشْوَذ, وأنشَدَ للهُذَليّ (¬3):
يَوْما كأنّ مَشاوِذًا رَبَعِيّةً (¬4) ... أو رَيْطَ كَتّانٍ لهنّ جُلودُ
ويقال: شُهْدةٌ هِفّة. وسَحابةٌ هِفّة: إذا لم يكن فيها ماء. وقوله: ولا هو مُخْرَب المُخْرَب: الّذي ترك من التعسِيل فيه وانقلَب عنه النَّحل، أُخِذَ مِن الخَراب.
وكأَنَّ ما جَرَسَتْ على أعْضادِها ... حِينَ استقَلَّ بها الشرائعُ مَحْلَبُ
جَرَسَتْ: أَكَلَتْ. وأعضادُها: أَجْنحتُها (¬5) تَحمِله (¬6) عليها. مَحْلَب: يريد أنّه مِثلُ حبّة مَحْلب. قال: والشّرائع الطَّرائق في الجبل. يقول: إنّها (¬7) أَخذَتْ هذا الشَّمَع مِن وادٍ، وشبَّهه بالمَحْلَب. والجَرْس: الأَخذ والعَمَل، لأنّها حملتْه على أجنحتِها حين استقلَّتها (¬8) شَرائعُها إلى مَجْراها حيث تَذْهَب، كأنّها جَرَسَتْه في وادٍ ثم استقلّت بها
¬__________
(¬1) في كلتا النسختين "أو" مكان "إذ". والذي في اللسان (مادة هف): إذا.
(¬2) الهف في هذا البيت: السحاب الرقيق لا ماء فيه؛ قال في اللسان (مادة شوذ) نقلا عن الأزهريّ: أراد أن الشمس طلعت في قتمة كأنها عممت بالغبرة التي تضرب إلى الصفرة، وذلك في سنة الجدب والقحط، أي صار حولها جلب: سحاب رقيق لا ماء فيه وفيه صفرة، وكذلك تطلع الشمس في الجدب وقلة المطر. وروى فيه (مادة هف) بالجلب، بالجيم وفي (مادة شوذ) بالخلب بالخاء؛ وفي الرواية الأخيرة تصحيف. والكتم: نبات لا يسمو صعدا، وينبت في أصعب الصخر فيتدلى تدليا خيطانا لطافا؛ وهو أخضر، وورقه كورق الآس أو أصغر، وهو نبات يختضب به، ويخلط بالحناء.
(¬3) هو قيس بن عيزارة؛ والبيت من قصيدة له يرثى بها أخاه الحارث بن خويلد.
(¬4) ربعية: نسبة إلى ربيعة؛ يصف الشاعر في هذا البيت بقرا بيضا كما يعلم ذلك من القصيدة.
(¬5) فسر في اللسان (مادة عضد) الأعضاد في هذا البيت بأنها سيقان النحل. قال: واستعمل ساعدة ابن جؤية الأعضاد للنحل، وأنشد هذا البيت، ثم قال: شبه ما على سوقها من العسل بالمحلب. اهـ والذي شبه ساعدة بالمحلب إنّما هو الشمع لا العسل كما ذكر.
(¬6) الهاء في قوله: "لا تحمله" تعود على "ما" أي الشمع.
(¬7) في كلتا النسختين "كأنها"؛ وهو تحريف.
(¬8) استقلتها شرائعها، أي حملتها.