كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)
فقَضىَ مَشارَتَه وحَطَّ كأنّه ... خَلَقٌ ولمَ يَنْشَبْ بما يَتَسَبْسَبُ
مَشارَته: ما اشتارَ مِن العسلِ، أي أَخَذ. والشَّوْر: الأَخذ، يقال: اِشتارَ يَشْتار اشتِيارا إذا أَخَذَ الَعَسَل. وقوله: لم يَنْشَب، أي لم يَعْلَق وانخَرَط مُنْحَطًّا كأنّه ثوبٌ خَلَقٌ. يَنْشَب: يَلْبَث. يَتَسَبْسَب: يَسيل (¬1).
فأَزالَ ناصِحَها بِأبيَضَ مُفْرَطٍ ... مِن ماء أَلهْابٍ عليه التَّأْلَبُ
فأزالَ ناصِحَها، أي فرَّقَ ناصِحَها. وناصِحُها: خالِصُها. وقولُه: بأبيضَ مُفْرَط أي غَدِير. يقول: مَزَجَها بماءِ ذلك الغَدِير، مِن ماءِ أَلْهاب، واللِّهْبُ: مَهْواةٌ في الجبَل، والجميع الأَلهْاب، وهو شَقٌّ في الجبَل. والتَّأْلَب: شجرٌ (¬2). فيقول: قَطَّع خَالِصَها بأبيَضَ، أي مزَجَه حتى تقَطَّع العَسَلُ. منْ ماءٍ غَدِيرٍ، مُفْرَطٍ: مملوءٍ وأنشدَنَا أبو سعيد: * ثَجَّ المَزادِ مُفرطًا تَوْكيرا (¬3) * وقولهُ: مِن ماءِ أَلهْاب يقول: من ماءٍ في جَبَل. عليه التَّأْلَب، أي عليه شجرٌ فهو باردٌ صافٍ؛ ومِثلهُ قوُل الآخر:
بالعَذْبِ في رصَفِ الفَلاةِ مَقِيلُه ... قَضُّ الأَباطِحِ ما يزَالُ ظلِيلاَ
والقَضُّ: الحِجارةُ الصِّغار. والماءُ أَطْيَبُ في الرَّضْراض.
ومِزاجُها صَهْباءُ فَتَّ خِتامَها ... قَرِطٌ مِن الخُرْسِ القِطاطِ مُثَقَّبُ
¬__________
(¬1) يريد أنه لم يعلق بالعسل السائل ولم يتلطخ به. يصفه بالخفة والنشاط والقوّة على استخراج العسل من الوقبة.
(¬2) التألب: من أشجار الجبال، تتخذ منه القسيّ.
(¬3) الثج: الصب.
والتوكير: الملء؛ يقال: وكر السقاء أي ملأه.
الصفحة 182