كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

يَخشى عليهم من الأملاك بائجةً ... مِن البَوائج مِثلَ الخادِرِ الرُّزَمِ
رَوَى أبو العبّاس غيرَ هذا. بائجة مِن البَوائج، وهي داهيةٌ وأمرٌ عظيم , مِثل بائقةٍ وبَوائق. وروَى بُنْدار الأصبَهانيّ "نابخة" (¬1) بالخاء، قوله: نابِخة، أي رجلا عظيمَ الأمر (¬2). مِثل الخادِر (¬3)، وهو الأَسَد الذي اتّخذ الغَيْضةَ خِدْرا؛ ويقال: خَدَرَ وأَخْدَر. والرُّزَمُ: الّذي يَبْرُك على قِرْنِه يَرْزُم عليه وَيَبْرُك ويَرْبِضُ.
ذا (¬4) جُرْأهٍ تُسْقِط الأَحْبالَ رَهبْتُهَ ... مهما يكنْ من مَسامٍ مَكْرَهٍ يَسُمِ
يقول: إذا سَمِعَت الحَبالى بَغزْوَتِه أَلقت أولادَها من رَهْبِته. والمَسامُ: المَسْرَح. يَسُومُها (¬5): يَسْرَحها. ذا جُرْأة، أي اجتِراء.
يُدْعَون حُمْسًا ولَم يَرتَعْ لهمْ فَزَعٌ ... حتّى رأوهم خِلالَ السَّبْيِ والنَّعَمِ
يقول: كانوا من العِزّ لا يُغْزَوْن، وكانت قريش ومَن دانَ بدِينها في الجاهليّة حُمْسا (¬6).
¬__________
(¬1) في كلتا النسختين "بائخة"؛ وهو تحريف صوابه ما أثبتنا إذ لم نجد البائخة بالمعنى الذي ذكره الشارح. انظر اللسان مادتي (نبخ) (ورزم). وقد ذكر فيه النابخة بهذا المعنى مستشهدا بهذا البيت، كما وردت فيه رواية أخرى وهي (نابجة) بالنون والباء والجيم. قال: من النبجة، وهي الرابية.
(¬2) عبارة اللسان (مادة نبخ) في تفسير (النانخة) أنه الجبار.
(¬3) روى "الحادر" بالمهملة، وهو الغليظ؛ وفسر بأنه يريد الفيل. انظر اللسان (مادة رزم).
(¬4) ورد هذا البيت في اللسان (مادة حبل) شاهدا على أن الحبل يكون اسما كما يكون مصدرا. قال: ولو جعله مصدرا وأراد ذوات الأحبال لكان حسنا، وضبط فيه (مكره) بفتح الميم والراء، أي مسام ذو مكره، أي ذو كره.
(¬5) الذي وجدناه في كتب اللغة أنه يقال: أسام الماشية يسيمها. أما سام يسوم فهو لازم، والذي يلوح لنا أن المراد بالسوم هنا التجشم والتكلف.
يقول: مهما يجشّم من صعب أو مكروه تجشمه ولا ينكل عنه عجزا.
(¬6) ذكر في اللسان (مادة حمس) نقلا عن أبي الهيثم قال: الحمس قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجديلة قيس، وهم فهم وعدوان ابنا عمرو ابن قيس عيلان وبنو عامر بن صعصعة، هؤلاء الحمس، سموا بذلك لأنهم تحمسوا في دينهم، أي تشدّدوا.

الصفحة 202