كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

إلى فَضَلاتٍ مِن حَبِيٍّ مُجلجِلٍ ... أَضّرتْ به أضواجُها وهُضومُها
مجلجل: فيه رَعْد. وقوله: إلى فَضَلات، أي إلى فضلاتٍ: غَدِير من هذا السحاب. والحَبيُّ: سحابٌ يَعترِض، يُقال: إنه لجيٌّ حَسَن. والهُضُوم، هي الغُمُوض في الأرض، وهي أماكِنُ مطمئنّة. يقول: فكأنّها (¬1) دنتْ من الماء فأَضرّت به، وليس من الضَّرَر، ومن ذلك قولُ أبي ذؤيب:
غَداةَ المُلَيْحِ يومَ نحن كأنّناء ... غَواشِي مُضِرٍّ تحت رِيحٍ ووابِلِ
يقول: كأنها (1) دَنَت منه. أَضَرّ: دنا. وضَريرَا الوادِي: ناحِيَتَاه. والأضْواج: نواحي الوادي حيث يَنْثَنِي. قال: وإذا كان في ظِلٍّ كان أطيَبَ له.
فشَّرجَها حتّى استَمر بنُطفةٍ ... وكان شفاءً شَوْبُها وصَميمُها
يقول: فَتّقَها (2) حتى مَضَى بها معه. شَرَّجها: فَتّقها (¬2). وقوله: شَوْبُها، أي مِزاجها من هذا الماء. وصَميمُها: خالِصُها، هي نفسُها. قال خُفافُ بنُ عُمَير:
فإنْ تكُ خَيْلِي قد أُصيبَ صَمِيمُها ... فعَمْدًا على (¬3) عَيْنٍ تيممّتُ مالِكَا
ويقال: شِيبَ الشيءُ إذا مُزِج.
¬__________
(¬1) لا مقتضى لقوله هنا: "فكأنها" وقوله بعد: "كأنها" إذ دنوّ الأضواج والهضوم المذكورين في البيت من الماء حاصل بالحقيقة لا بالتشبية.
(¬2) في كلتا النسختين "عتقها" بالعين في كلا الموضعين؛ وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا كما يستفاد من كتب اللغة، فقد ورد فيها أن التشريج بمعنى الخلط والمزج؛ يقال: شرج العسل والخمر ونحوهما إذا مزجهما بالماء. وقوله: "بنطفة" متعلق بقوله: "فشرّجها".
(¬3) يقال: فعلت ذلك عمدا على عين وعمد عين، أي بجد ويقين. قاله في اللسان وأنشد بيت خفاف هذا.

الصفحة 210