كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

يقول: لا يستطِيع أَحدٌ أن (¬1) يقي من لا يقيه قَدَرُه. فيُقْصر. "يقول: من الناس من يطولُ عمره، مَن قُضِيَ عليه أن يطولَ عمره لم يقصر" (¬2) , أي منهم من يُقْصِر: يكون قصيرا (3)، وليس من نحو أَقصر عن الجهل. يطيل، يكون عمره طويلا (¬3). يقول: من لا يقيه قَدَرٌ لا يستطيع أن يتّقِىَ فيطولُ قَدَرُه أو يَقْصُر، إنما يقيه القدَر.
وما يُغنِي أمرأً وَلدٌ أَحَمّتْ ... مَنيّتُه ولا مالٌ أَثِيلُ
يقول: لا يُغني أمرأً حانت منيّتُه ولدٌ. أحَمّت: حانت، وحُمَّتْ: قُدِّرت. والأثيل: المؤثَّل الكثير، وهو المثَّمر؛ ويقال: حاجة مُحِمَّة بالحاء غير معجمة: يأخذك لها زَمعَ وحديثُ نَفْسٍ. والمؤثَّل من المال: المثمر؛ وقال الشاعر (¬4):
ولكنّما أَسعَى لمجدٍ مؤثَّلٍ ... وقد يُدرِك المجدَ المؤثَّلَ أمثالِي
ولو أَمْستْ له أُدْمٌ صَفاياَ ... تُقَرْقِرُ في طَوائفها الفحُول
قولُه: صفايا، أي إبِلٌ كِرام. وقولُه: تُقَرْقر، أي تَهدر. وطوائفها: نواحيها.
مصعِّدةٌ حَوارِكُها تَراها ... إذا تَمْشِى يَضِيقُ بها المَسِيل
¬__________
(¬1) كان الأولى في تفسير هذه العبارة كما يظهر لنا أن يقول: لا يستطيع أحد أن يتقى إذا لم يقه قدره كما تقتضيه مسايرة ألفاظ البيت.
(¬2) الظاهر أن هذا الكلام الذي بين هاتين العلامتين قد وضع في غير موضعه من شرح البيت خطأ من الناسخ؛ والظاهر أن موضعه بعد قوله الآتى: "يكون عمره طويلا".
(¬3) لم نجد في كتب اللغة التي بين أيدينا أن أقصر وأطال يجيئان بمعنى يكون قصيرا ويكون طويلا أي بمعنى قصر وطال اللازمين كما ذكره الشارح هنا.
(¬4) هو امرؤ القيس بن حجر الكندي.

الصفحة 214