كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

فإِنْ تك قَسْرٌ أَعقبتْ مِن جُنَيْدبٍ ... فقد علموا في الغَزْوِ كيف نُحارِفُ (¬1)
قَسْر, يريد قسر بجيلة، أعقبت عقبا (¬2) منه. يقول: إن كانوا أعقبوا فقد علموا كيف نصنع بهم إذا غزوناهم, أي كيف محاربتنا إياهم, كانوا غزوهم فقتلوهم.
ألم نَشْرِهْم شَفْعا ويُترَك منهمُ ... بجَنْب العَروض رمّةٌ ومَزاحفُ
نشرهم, أي نَبْتَعْهم. شفعا: اثنين اثنين. والعروض: جبلٌ من نواحي الحجاز.
ورمة: بالية (¬3) قد (¬4) انقضت. ومَزاحِف: مُلتقًى, حيث زحف القوم بعضهم إلى بعض.
وقال أيضا
أهاجَكَ مَغنَى دِمنةٍ ورُسومُ ... لِقَيْلةَ منها حادِثٌ وقَديمُ
مَغْنى الدار: حيث غَنِيَ فيها أهلها. حادث: حديث. وقديم: مُزْمِن. يقول: منها ما قُدم (¬5) وحَدُثَ الآن, ومنها قديم قد عفا. وكأنه قد نزلها مرارا.
عَفا غيَر إِرْثٍ من رَمادٍ كأنّه ... حمامٌ بأَلباد القِطارِ جُثومُ
الإرث: الأصل. (¬6) ويقال: فلانٌ في إرث حسب. وقوله: كأنه حَمامٌ, يعنى الرماد. الألْباد: ما لَبَّده المطر, وهو القِطار, أي كأنه حمام جثوم قد لبده القطر يعنى الرماد.
¬__________
(¬1) ذكر في اللسان (مادة حرف) المحارقة بمعنى المفاخرة, واستشهد بهذا البيت. وفي هذه المادة أيضا أن المحارقة بمعنى مجازاة الصنيع بمثله؛ ومنه قولهم: لا تحارف أخاك بالسوء أي لا تجازه بسوء صنيعه؛ الخ وهذا المعنى محتمل هنا.
(¬2) لعله يريد أنها قتلته وتركت له عقبا يقوم مقامه.
(¬3) بالية, أي عظام بالية, كما في اللسان.
(¬4) في النسخة الأوروبية "قد انقبضت" أي انكسرت.
(¬5) الظاهر أن قوله: "قدم" في هذه العبارة زيادة من الناسخ. وحدث هنا (بضم الدال) يقال حدث الشيء (بفتح الدال) فإذا قرن (بقدم) ضمت الدال فيه مراعاة للازدواج.
(¬6) فسر في التاج الإرث بأنه الرماد نفسه, وأنشد بيت ساعدة هذا.

الصفحة 227