كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

فقامت بسِبْتٍ يَلَعج الجِلْدَ وَقْعُه ... يُقِّبض أحشاءَ الفؤاد أَليمُ
يقول: قامت بنَعلٍ مِن جلودِ البقر تَضِرب بِه صدرَها ونَحْرَها. واللَّعْج: الحُرْقة. ويقال: وَجدتُ لاعَج الحُزْن والوَجَعِ لحُرْقته وَحرِّه. وألِيم: وَجِيع.
يقول: إذا وقع السِّبْت بها أَلِمَ فؤادُها وانَقَبض. وأحشاء الفؤاد: الحشَى التى مع الفؤاد. قال: وكان ابنُ أبي طَرَفةَ يقول: شَحِيم (¬1).
إذا أَنْزَفَتْ مِن عَبْرةٍ يَمّمَتْهُمُ ... تسائلهم عن حِبِّها وتَلومُ
إذا أَنزفَت، أي إذا أَفنَتْ. تقول: أَنْزَفَ فلان عَبْرَتَه. والعَبْرة: البكاء (¬2).
يَمَّمَتْهم: عَمَدَتْهم وقَصَدَتْهم. تسائِلهم كيف كان أمرُه؟ وتلومهمْ لِم فررتمْ عنه؟ حِبِّها، يعنِي حبيبَها، يعنِى ولدها.
فبَيْنا تنوحُ استَبْشَرُوها بحِبِّها ... علي حِينِ أن كلَّ المرَامِ تَرومُ
استَبْشَروها، قالوا: البُشرى (¬3)، هذا ابنُكِ على حين أن تَجهَدَ كلَّ جَهدٍ مِن بُكاءٍ وطَلَبٍ وغيرِهما. وقوله: كلَّ المَرام تَرُوم، أى تريده. قال: ويقال: ذلك أمرٌ لا يُرام، أي لا يُطلَب ولا يُطمَع فيه فلا تطلبْه.
¬__________
(¬1) شحيم هنا صفة لسبت، إن جرّ فيكون في البيت إقواء وإن كان مرفوعا فهو نعت مقطوع.
والشحيم: ذو الشحم، وكأنهم كانوا يجعلون على السبت شحما لئلا ييبس.
(¬2) المراد بالعبرة في هذا البيت الدمعة. على أنه قد ورد في كتب اللغة في معنى العبرة عدة أقوال والصحيح منها ما ذكرنا.
(¬3) ذكر في اللسان (مادة بشر) في معنى هذه الكلمة وجهين: أحدهما أنه يقال استبشره، بمعنى بشّره، وأنشد بيت ساعدة هذا. والآخر نقلا عن ابن سيده أن استبشروها بمعنى أنهم طلبوا منها البشرى علي إخبارهم إياها بمجيء ابنها، كما هو الموافق لما في الشرح.

الصفحة 233