كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

وقال أيضا [يرثي ابنَ أبي سُفيان] (¬1):
ألا باتَ مَن حَوْلي نِيامًا ورُقّدا ... وعاوَدَني حُزنِى الذي يتجدّدُ
وعاوَدَنى دِينِي فبِتُّ كأنّما ... خِلالَ ضُلوعِ الصّدرِ شِرعٌ مُمدَّدُ
قال أبو سعيد: قوَله: دِيني، أي حالي الّتي كانت تعتادني. ويقال: ما زال ذلك دِيني ودَيْدَني ودأبي، أي حالي وأمري. وقولُه. شِرْع ممدَّد أي كأنّ في صدرِي دَوِيَّ عُودٍ ممّا أحدّث به نفسِي من همومي لأوتارِه رَنّة. والشِّرع: الوَتَر (¬2). يقول: لقلبي حنينُ مِعْزَفة، وإنّما يصِف ما في صَدْرِه من الحُزن.
بأِوْبِ يَدَيْ صَنّاجةٍ عند مُدْمنٍ ... غَوِيٍّ إذا ما يَنتَشِي يَتغرّدُ
أَوْب يَدَيْها: رَجع يديها بضَرْبِ الصَّنج (¬3). يَتغرّد: يَطرَب أي يتغنّى. يقول: تُحَرِّكُ يديها.
ولو أنّه إذ كان ما حُمَّ واقعا ... بجانبِ من يَحفَي ومن يَتودَّدُ
قوله: ما حُمَّ أي ما قُدِّر. يقول: لو أصابني هذا الّذي أصابني بجَنْب مَن يَحْفَى بي ويَودُّني، كان أَهَّل لِما بي، ولكنّني إلي جَنْبِ من لا يَوَدُّني، وأُلقِيتُ عند من لا يُبالِي بي.
¬__________
(¬1) التكملة عن النسخة الأوروبية.
(¬2) ذكر في اللسان (مادة شرع) أن الشرع جمع شرعة، وهي الوتر الرقيق، وشراع جمع الجمع، وأنشد بيت ساعدة هذا. وقال في قوله "ممدّد": ذكر لأن الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بالهاء لك تذكيره وتأنيثه، ثم شرح البيت بمثل ما ذكره الشارح هنا وإذن فقد كان الأولى أن يقول الشارح: والشرع الأوتار، كما هو لفظ القاموس.
(¬3) المراد هنا الصنج ذو الأوتار؛ وهو دخيل معرّب، تختص به العجم. أما الصنج الذي يكون في الدفوف فهو عربي، وليس مرادا هنا. وهذا الصنج الأخير يتخذ من صفر يضرب أحدهما بالآخر.

الصفحة 236