وقوله: "حتى استَدَقّ نُحُولهُا" أي دقَّ دِقُّها، والهاء لأطراف. دِقّتُها، أي كأنها ازدادت دِقّة.
على حِينَ ساواه الشَّبابُ وقارَبَتْ ... خُطَايَ وخِلْتُ الأرضَ وَعْثًا (¬1) سُهولُها
أراد: أصابتني المصيبةُ حين تم "نُشَيبةُ" ونقصتُ أنا وكَبِرتُ.
حَدَرْناهُ بالأثْوابِ في قَعْرِ هُوَّةٍ ... شَديدٍ على ما ضُمَّ في اللَّحْد جُوُلها
أي قَبرٍ (¬2). فالهُوَّة ها هنا: القبر. ما له جُولٌ ولا معقول، أي رأيٌ وتمَاسُكٌ (¬3) وأصله جانبُ البئر. يقال: انهَدَم جُولُ البئرِ وَجالهُا. (أساس البلاغة).
* * *
وقال أبو ذؤيب أيضا
ألَا زعَمتْ "أسماءُ" أن لا أُحِبُّها ... فقلتُ: بَلَى، لولا ينازِعُني شُغْلِي
ينازِعُني: يجاذِبُني. يقول: لو (¬4) يُخَلِّيني (¬5) شُغْلي وما أريد.
¬__________
(¬1) روى: "سوّاه الشباب" كما روى: "وعرا" مكان قوله: "وعثا"؛ والوعث من الطرق: ما عسر السلوك فيه وشق. ويريد بقوله: "وقاربت خطاي"، قرب بعضها من بعض وتقاصرها. يشير إلى ضعفه عن المشي لكبر سنه، فيظن سهول الأرض وعورا وحزونا يصعب سلوكها.
(¬2) في الأصل: "قتل"؛ وهو تحريف صوابه ما أثبتنا، إذ معنى البيت يقتضي أنه قبر لا قتل.
(¬3) المناسب في تفسير الجول هنا ما ورد في اللسان من أن جول القبر ما حوله. قال: وبه فسر قول أبي ذؤيب، وأنشد هذا البيت. وعبارة السكري في شرحه: الجول ها هنا: ما حول القبر من داخله.
(¬4) كذا في شرح السكري: والذي في الأصل "لولا" ولا يناسب معناه سياق العبارة: وذكر ابن هشام في المغني أن "لولا" في بيت أبي ذؤيب هذا كلمتان بمنزلة قولك: "لو لم".
(¬5) في الأصل: "تخليتي"؛ وهو تصحيف؛ وما أثبتناه عن شرح السكريّ. ونص عبارته: "لو يخليني شغلي وما أريد لجزيتك وأضعفت" اهـ. يشير إلى أن جواب "لولا" في البيت الآتي.