كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

وقال أبو ذؤيب -رحمه الله تعالى-
أَصْبَحَ مِنْ أُمِّ "عمرٍو" "بَطْنُ مَرَّ فأَجْـ ... ـزاعُ الرَّجِيعِ" "فذو سِدْرٍ" "فأمْلاحُ" (¬1)
الجِزْعُ. طَرَفُ (¬2) الوادي.
وَحْشًا سِوَى أنّ فُرّادَ السِّباعِ بها ... كأنّها مِنْ تَبَغِّي الناسِ أَطْلاحُ (¬3)
قوله: فُرّاد السباع، ولا يَنفرِد من السِّباع إلّا الخبيث. وقوله: "مِن تَبغِّي الناسِ أَطْلاحُ" (¬4)، أراد كأنها مُتعَبَةٌ في رُبُوضِها.
يا هَلْ أُرِيكَ حُمولَ الحيِّ غاديةً ... كالنَّخْل زَيَّنه يَنعٌ وإفْضاحُ
أراد: يا هذا هل أُرِيك. ويُروَى: "بل هل أُرِيك". وقوله: "كالنخل" شبّه الإبلَ بالنخل (¬5). ويَنْعٌ: إدراكٌ. الإفضاح، يقال: قد أَفضَحَ البُسْرُ، إذا ما اختَلَط (¬6) في خُضرته بصُفْرةٍ أو حُمْرة.
¬__________
(¬1) في رواية: "فأكناف" مكان: "فأجزاع" كما روى "بطن مر" بالتنوين. وهو بفتح الميم من نواحي مكة، عنده يجتمع وادي النخلتين فيصيران واديا واحدا. قاله ياقوت واستشهد ببيت أبي ذؤيب هذا. والرجيع: ماء لهذيل بين مكة والطائف. وذكر ياقوت "ذا سدر"، "وأملاحا" ولم يعينهما. قال: وقد تكرر ذكر أملاح في شعر هذيل؛ فلعله من بلادهم.
(¬2) وقيل: "منعطفه". وقال أبو عبيدة: اللائق به فتح الجيم.
(¬3) في رواية: "فراط السباع" بالطاء، أي ما تقدّم منها. قاله الأصمعى. وروى خالد: "ورّاد السباع" بضم الواو وتشديد الراء. يقول: إن سباع هذه المواضع تربض وتلزق بالأرض كما يصنع المعي، وذلك من خبثها، فهي تتظاهر بالإعياء خداعا تبتغى الناس بذلك، فكأنها من شدّة ما تلزق بالأرض إبل مهازيل.
(¬4) الواحد طلح بفتح الطاء وكسرها.
(¬5) أوضح من هذا التفسير قول الأخفش: شبه الإبل وما عليها من الزينة بالصفرة والحمرة، بالنخل الحامل.
(¬6) فسر بعض اللغويين الإفضاح بأنه خلوص اللون الواحد، إما حمرة وإما صفرة.

الصفحة 45