كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

ضَفادِعُه غَرْقَى رِواءٌ كأنّها ... قِيانُ شُروبٍ رَجْعُهُنّ نَشِيجُ (¬1)
قوله: "ضَفادِعُه غَرْقَى" والضفادِعُ لا تَغرَق، إنما أراد كثرةَ الماء. وقِيانُ شُروبٍ، أي إِماءٌ يغنِّينَ. ونَشِيج: رَجْعُ أصواتهِنَّ. شَبّه أصواتَ الضفادعِ بالمغنيِّاتِ تنشِج بكاءً كأنّهنّ يقتلِعْنه قَلْعا من أجوافهنَّ.
لِكُلِّ مَسِيلٍ مِنْ "تِهامةَ" بَعْدَ ما ... تَقَطَّعَ أَقرانُ السَّحابِ عَجيجُ
أراد: لكلّ مَسيلٍ من الماء عَجيجٌ (¬2). وأقرانُ السحابِ: شبَّه السحابَ بإبلٍ مقرونةٍ فانقطعتْ أَقرانها فتبدّدت، فضرب السحابَ (¬3) لها مثلا، فأراد تفرُّقَ السحابِ.
كأنّ ثِقالَ المُزنِ بين "تُضارِعٍ" ... و"شامَةَ" بَرْكٌ مِنْ "جُذامَ" لَبِيجُ (¬4)
المُزن: سحابٌ، الواحدُ مُزْنة. وتُضارِع وشامةُ: مَوضعانِ. والبَرْكُ: الإِبِلِ (¬5). فشبّه ثِقَالَ المُزْنِ بالبَرْكِ. وَلَبيجٌ: مَلبوجٌ به، أي ضرَب هذا السحابُ بنفْسِه فلا يبرحُ؛ ومنه: الْبُجْ بهذا المكان؛ ولبَجتُ بفلانٍ ألبُجُ به لَبْجًا: إذا ضربتَ به الأرضَ.
¬__________
(¬1) الشروب بضم الشين: جمع شرب بفتحها. والشرب: جمع شارب كصحب وصاحب. وذكر في اللسان مادة (نشج) وجهين في مرجع الضمير في قوله: "رجعهن" فقال بعد أن أورد البيت: أي رجع الضفادع؛ وقد يجوز أن يكون رجع القيان.
(¬2) يريد بالعجيج: صوت الماء.
(¬3) كذا وردت هذه العبارة في الأصل وشرح السكري؛ وصوابها: "فضربها مثلا للسحاب" إذ المثل هو المشبه به لا المشبه.
(¬4) في رواية: "شابة" بالباء مكان "شامة" بالميم، كما في شرح السكري، وكذلك رواه في اللسان في مادتي "لبج" و"ضرع". قال السكري: شابة: موضع. وتضارع: جبل. وفي معجم البلدان أن تضارع جبل بتهامة لبني كنانة. وقال الواقدي: هو جبل بالعقيق. وقال الأصمعي: شامة وتضارع: جبلان بنجد. وجذام: حي من اليمن من ولد أسد بن خزيمة، وخصهم أبو ذؤيب لأنهم أكثر الناس إبلا.
(¬5) الإبل، أي الإبل الباركة. وفي اللسان مادة "برك" أن البرك جمع بارك مثل تجر وتاجر. وقيل: هي إبل الحواء كلها التي تروح عليها بالغة ما تبلغ وإن كانت ألوفا، وأنشد بيت أبي ذؤيب هذا.

الصفحة 55