وأُصانِعُ الواشِينَ فيكِ تَجمُّلًا ... وهُمُ عليَّ ذَوُ ضَغائِنَ دُؤَّبُ (¬1)
وَتَهِيجُ سارِيَةُ الرِّياحِ مِنَ ارضِكُمُ ... فَأَرَى الجَنَابَ لها يُحَلُّ ويُجنَبُ
و"سارِيَةُ الرياح": ما جاء بالليل. و"يُجْنَبُ"، أي تُصيبُه الجَنوبُ (¬2).
والجنَاب: ما جَوْلَ القومِ.
وَأَرَى الَعُدوَّ يُحبُّكمْ فأُحِبُّه ... إن كان يُنسَبُ منكِ أو يَتَنَسَّبُ (¬3)
قوله: يُنْسَبُ أي يُقالُ: هو من أَهلِها.
* * *
وقال أبو ذؤيب أيضًا
عَرَفْتُ الدِّيارَ كَرقْمِ الدَّوا ... ةِ (¬4) يَزْبِرُهُا الكاتِبُ الحِمْيَرِيُّ
ويَذْبُرهُا، وهو مثْل الأوّل في المعنى. قولُه: "يَزْبِرُها": يكتُبها، يقال: زَبَرتُ: كَتَبْتُ. وزَبَرَ: قرأ (¬5). قال الأصمعيُّ: نظر حِمْيَريٌّ إلى كتابٍ فقال: أنا أعرِفُ زَبْرِي (¬6).
¬__________
(¬1) في الأصل: "ذوب"؛ وهو تصحيف. وما أثبتناه عن النسختين المخطوطة والأوربية من ديوان أبي ذؤيب.
(¬2) قال أبو عمرو: الجنوب أطيب الرياح بالحجاز؛ وهذا هو ما أشار إليه الشاعر.
(¬3) يتنسب، أي يدعي النسب. وفي رواية: "أو لا ينسب".
(¬4) روى في الأصل أيضًا "الدويّ" جمع دواة، وفي رواية: "كخط الدواة". شبه آثار الديار في خفائها ودقتها بالخط في الصحيفة.
(¬5) قرأ، أي قرأ قراءة خفيفة. يقال: زبر الكتاب يزبره زبرا، إذا قرأه قراءة سريعة. نقله السكري عن الأصمعي.
(¬6) في كتب اللغة وشرح السكري: تزبرتي. ونقل السكري أيضًا عن بعضهم أن معنى يزبرها يعلمها. واستشهد بما ذكره الأصمعي من أن حميريا نظر إلى كتاب فقال: أنا أعرفه بزبرى، أي بعلمي.