قولُه: كماءِ النِّئِ، أراد في صَفائها، وهو ما قَطَرَ من اللحم. قوله: ليست بخَمْطةٍ والخَمْطة: التي أَخَذَتْ رِيحا ولم تُدْرك. والخَلَّة: الحامضة. وقوله: يَكْوِي الشُّروبَ: يقول: لها مَضُّ شديدٌ مِثلُ النارِ. والشُّروبُ: النَّدامى.
تَوصَّلُ بالرّكبانِ حِينًا وتُؤلِفُ الـ ... جِوارَ ويُغشِيها الأَمانَ رِبابُها (¬1)
تَوصَّلُ بالرّكبانِ، يعني أهلَ الخَمْرِ، وإن كان اللَّفظُ للخَمْر فإنّ المعنى لأربابها.
يقول: إذا أَقْبَل الركبانُ سار أصحابُ الَخْمرِ معهم ليَأْمَنوا. وقوله: تؤْلِفُ الجِوار يقول: تَأْخُذُ الجوار (¬2) عَقْدَين، وإنما يَعْنِي أصحابَ الخَمرِ. يقال: آلفَ وأولَف إذا جَمَع بين شيئين. ويُغْشِيها الأَمانَ رِبابُها: والرِّباب: عَقْدٌ وجِوارٌ تأخذه يكون الرِّبابُ أَمانًا لها؛ والمعنى لأصحابها، وإذا استجاروا (¬3) من مكانَينْ فقد آلفوا؛ وأنشد (¬4):
كانَتْ أَرِبَّتَهُمْ بَهْزٌ وغَرَّهُمُ ... عَقْدُ الجِوارِ وكانوا مَعْشَرًا غُدُرا
فما بَرِحَتْ في الناسِ حتّى تَبيَّنَت ... ثَقيفًا بزَيزاءَ الأشاةِ (¬5) قِبابُها
¬__________
(¬1) توصل، أي تتوصل. يقول: إن تجار الخمر يخشون الإغارة عليهم وانتهابها منهم في سفرهم فهم يتوصلون من بلد إلى بلد مع القوافل ويعقدون ذمة الجوار بينهم وبين هؤلاء الركبان ليستأمنوا بهم.
وفي رواية: "ويعطيا" مكان قوله: "ويغشيها"؛ والمعنى يستقيم عليها أيضا. ويغشيها الأمان أي يلبسها إياه.
(¬2) تأخذ الجوار عقدين، أي يعقد أهلها الجوار مع قوم، فإذا جاوزهم عقدوا الجوار مع آخرين. وعبارة السكرى وغيره في تفسير قوله: تؤلف الجوار، أي تجاور فى مكانين تجمع بين جوار قوم وجوار قوم.
(¬3) استجاروا من مكانين، أي أخذوا عقد الجوار من حيين في مكانين.
(¬4) البيت لأبي ذؤيب، وقد سبق تفسيره في القصيدة الخامسة من هذا الديوان وهو البيت الثاني من أبياتها، فانظره.
(¬5) الأشاءة: موضع، قال ياقوت: أظنه باليمامة أو ببطن الرقة. وفي رواية: "تبيتت ثقيفا" بالتاء مكان النون، أي باتت بهم.