كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

قوله: "جَوارسِها تَأْرِى الشُّعوفَ دَوائبا"، يريد أوَاكِلَ (¬1) النَّحْل؛ يقال: جرسَ يَجْرِسُ إذا أَكَلَ الثَّمَر. وقوله: تَأرِي الشُّعوف، أي تعمل في الشُّعُوف. والشُّعوفُ: أعالى الِجبالِ. وتنقَضُّ ألْهابا، يرِيد إلى لهبٍ فتعسِّل فيه. واللِّهْب: الشقُّ في الجَبَلِ ثم يَتّسِع في الطرِيقِ، واللِّصْبُ والشِّعْب دون اللِّهْب، كالطّرِيق الصغيرة. ويروَى: "وَتنصَبُّ أَلْهابا مَصيفًا كِرابُها" معناه يَصِيفُون بتِلْكَ الكراب، أي بتلك الناحية. والكَرَبَةُ: فَصْلُ (¬2) مَا بين الجَبَلَين. وقوله: "مَصِيفًا شِعابُها"، المعنى أنّها تَأْكُل في أعلى الجبل وتحَملُ فتَنْزِلُ إلى مَوضِعٍ بارد. والشِّعْب: الطرِيقُ في الحَبَلِ. ويروَى مصْيفًا شِعابُها، وهو الموضِع الضيقُ.
إذا نَهَضتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرَها ... كقِترِ الغِلاءِ مُستَدِرًّا (¬3) صِيابُها
قوله: إذا نَهَضَتْ، يعني النَّحْلَ. تَصَعَّدَ نَفْرها، يريد تَصَعَّدَ مَا نفَر منها أي شَقَّ عليها، يعِنى الجَبَل شقَّ على النحلِ تَعمَلُ فيه؛ ومنه يقال: "ما تَصَعَّدَني شيءٌ كما تَصعَّدُني خِطبَةُ النِّكاح" (¬4). وقوله: كقِتْرِ الغِلاء، الواحدة قترة، (¬5) وهو نَصْلُ سَهْم
¬__________
(¬1) أي أواكل الثمر والشجر منها، وهي الذكور، كما قاله السكرى.
(¬2) فسر أبو عمرو الكراب بأنها صدور الأودية، وأنشد بيت أبي ذؤيب هذا. وفسرها غيره بأنها مجارى الماء في الوادى.
(¬3) في اللسان مادتي "قتر" و"نفر": "مستدرّ" بالرفع.
(¬4) هذه الكلمة من قول عبد الله بن الزبير، رواها الأصمعي.
(¬5) قال السكري: تسمية هذه النصال بالقتر مأخوذة من قتير الدروع، أي رءوس مساميرها، لدقتها وصغرها.

الصفحة 76