كتاب ديوان الهذليين (اسم الجزء: 1)

فبَدَا له أَقْرابُ هذا رائغا ... عَجِلًا فعيَّثَ في الكِنانة يُرْجِعُ (¬1)
فبدا للصائد. أقراب هذا، أي خواصر هذا الحمار وهو رائغ. فعيَّثَ،
أي أمال يده إلى كنانته ليأخذ سهما، ومنه: عاث الذئب في [الغنم] (¬2): إذا مدّ يده وأهوى إليها؛ وهذا أصله "عاث في الأرض"، أي أفسد.
فرَمَى فأَلحْقَ صاعدِيًّا مِطْحَرًا ... بالكَشْحِ فاشتملَتْ عليه الأضْلُعُ
صاعديًّا: يعني سهما منسوبا (¬3). والمِطْحَر: السهم البعيد الذهاب، ويروى:
"مُطْحَرا"؛ وهو الّذي أُلزِقَتْ قُدَذُه. والقُذّة: الريش. أُطحِرَتْ خِتانَتُه أي أُخِذتْ جدّا. فاشتملت الأضلع على السهم، أي لبستْه.
فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنّ فهارِبٌ ... بذمائه أو بارِكٌ متجَعْجِعُ (¬4)
¬__________
(¬1) يقول: إن الصائد بعد أن رمى الأتان ظهرت له خواصر هذا الحمار حائدا عنه، فأمال يده إلى كنانته ليأخذ سهما آخر يرميه به. وهذا هو معنى التعبيث والإرجاع في البيت .. يقال: "أرجع يده إلى كنانته ليأخذ سهما"، أي أهوى بها إليها. وفي رواية: "رائغا * عنه".
(¬2) لم ترد هذه الكلمة في الأصل؛ وأداة الجرّ قبل تقتضي إثباتها أخذا من كتب اللغة.
(¬3) منسوبا، أي إلى (صعدة) على غير قياس، وهي قرية باليمن، كما ذكره ابن الأنباري. وفي اللسان مادة "صعد" أن الصاعدي نسبة على غير قياس إلى بنات صعدة، وهي حمير الوحش؛ واستشهد بهذا البيت. وقال الأصمعي: إنه لا يدرى إلى من نسبه.
(¬4) روى أيضًا في الأصل: "فظالع"؛ والظالع: الذي في مشيته ما يشبه العرج.
وروى: "بدمائه" بالدال المهملة. وروى "أو ساقط". يقول: إنه قد فرّق أسهمه في الحمر فأعطى كل واحد نصيبه من الموت، فمنها ما هرب ببقية نفسه، ومنها ما صرع ولصق بالأرض.

الصفحة 9