كتاب سنن أبي داود - ت الأرنؤوط (اسم الجزء: مقدمة)

٢ - "المراسيل": وهو كتابٌ عظيم في بابه، لم يُفرده أحد بالتأليف فيما نعلم، ضم بين دفتيه أربعاً وأربعين وخمس مئة حديث مرسلٍ، مرتبة على الأبواب، وغالبها مما صح إسناده إلى مُرسِلِه، وأغلبُ الظن أنه أدرج فيه معظم المراسيل التي انتهت إليه، ولم يَفُتْه منها إلا اليسيرُ، وكان يرمي من وراء تصنيفه له -فيما يغلب على ظننا- أن يكون مرجعاً للفقيه، يعتمد نصوصه، ويستنبط منها، ويُفتي بموجبها إذا لم يرد في المسألة التي هو بصددها حديث صحيح متصل، فهو يرى تبعاً لشيخه الإمام أحمد الاحتجاجَ بالمرسل إذا لم يكن في الباب أثبتُ منه، ويُرجحه على القياس، فقد جاء في "رسالته إلى أهلِ مكة": فإذا لم يكن مسند ضد المراسيل، ولم يُوجد المُسنَدُ، فالمرسل يُحتج به، وليس هو مثلَ المتصل في القوة (¬١).
وقد سبق أن طبُعِ هذا الكتاب محذوف الأسانيد، وباختصار بعض الروايات في مصر سنة ١٣١٠ هـ بمطبعة التقدم، بعناية الشيخ علي السني المغربي الطرابُلُسي، وعن هذه الطبعة طبع في مطبعة محمد علي صبيح بمصر. وهي -على ما بها من أغاليط وتحريفات- عديمةُ الفائدة للباحث الذي يعنيه الإسناد، ويحرص عليه ليحكم على النصِّ، ويتثبت من صحته.
وقد استطعت بحمد الله تعالى وتوفيقه أن أحقق هذا الكتاب بالاعتماد على أصلٍ خطيّ مصور عن النسخة الخطية الموجودة في
_________
(¬١) ص ٣٣ ضمن ثلاث رسائل فى علم مصطلح الحديث بتحقيق وعناية الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.

الصفحة 35