كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 1)

جَهْلٍ، وَأُمَّيَةُ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَنُبَيْهٌ، ومُنَبِّهٌ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ. فَلَمَّا جَعَلَ يُعَدِّدُ أَشْرَافَ قُرَيشٍ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الْحِجْرِ: وَاللَّهِ إِنْ يَعْقِلْ هَذَا فسلوه عني: فقالوا: ما فعل صفوان؟ قال: ها هو ذاك جالسا، قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْتُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ حِينَ قُتِلَا.
وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا لِلْعَبَّاسِ وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمْتُ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ الْخِلَافَ وَيَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ. وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْخَبَرَ بِمُصَابِ قُرَيْشٍ كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ، وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسَنَا قُوَّةً وعزة، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكُنْتُ أَنْحَتُ الْأَقْدَاحَ فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ. فَإِنِّي لَجَالِسٌ أَنْحَتُ أَقْدَاحِي، وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ، وَقَدْ سَرَّنَا الْخَبَرُ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بِشَرٍّ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ الْحُجْرَةِ، فَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي. فبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ قَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: إِلَيَّ، فَعِنْدَكَ الْخَبَرُ. قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ، فقال: يا ابن أَخِي، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا ويأسرونا، وأيم الله ما لمت الناس، لقينا رجال بيض عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهِ مَا تَلِيقُ شَيْئًا وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ.
قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلَائِكَةُ. فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً. قَالَ: وَثَاوَرْتُهُ، فَحَمَلَنِي وَضَرَبَ بِيَ الْأَرْضَ. ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا. فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ، فَأَخَذَتْهُ فَضَرَبَتْهُ بِهِ ضَرْبَةً، فَلَقَتْ فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: اسْتَضْعَفْتَهُ أَنْ غَابَ عَنْهُ سَيِّدُهُ؟ فقام

الصفحة 37