كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 1)

لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى الْعِبَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسٌ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: يَا قَوْمُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ، فَيَأْخُذُ أَبُو الْحَيْسَرِ حفنة من الحصباء، فضرب بِهَا وَجْهَ إِيَاسٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا، فَسَكَتَ، وَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيُسَبِّحُهُ حَتَّى مَاتَ، وَكَانُوا لَا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا. وَقَدْ كَانَ اسْتُشْعِرَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يوم بعاث يوما قدّمه الله لِرَسُولِهِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وقد افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم - يَعْنِي وَجُرِّحُوا - قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

-ذِكْرُ مَبْدَأِ خَبَرِ الْأَنْصَارِ وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ العجليّ: حدثنا هشام بن محمد الكلبيّ، قال: حدثنا عبد الحميد بن أبي عيسى بن خير، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَتْ قُرَيْشٌ قَائِلًا يَقُولُ فِي اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ:
فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ ... بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ
فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السّعدان؟ سعد بن بكر، سعد تَمِيمٍ؟ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ سَمِعُوا الهاتف يقول:

الصفحة 649