كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 1)
بِقُبَاءَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءَ. وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَبِثَ فِيهِمْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ليلة.
وقال زكريّا بن إسحاق: حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: مَكَثَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة ثلاث عشرة، وَتُوُفِّيَ وَهُو ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وقال سفيان بن عيينة: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَجُوزٍ لَهُمْ، قَالَتْ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْتَلِفُ إِلَى صِرْمَةِ بن قيس الأنصاريّ، كان يَرْوِي هَذِهِ الْأَبْيَاتَ:
ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... يُذَكِّرُ لَوْ أَلْفَى صَدِيقًا مُوَاتِيَا
وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِي وَلَمْ يَرَ دَاعِيَا
فَلَمَّا أَتَانَا وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ النَّوَى ... وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِطِيبَةَ رَاضِيَا
وَأَصْبَحَ مَا يَخْشَى ظَلَامَةَ ظَالِمٍ ... بَعِيدٍ وَلَا يخشى من النّاس راعيا
بذلنا له الْأَمْوَالَ مِنْ جُلِّ مَالِنَا ... وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الْوَغَى وَالتَّآسِيَا
نُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُوَاسِيَا
وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أصبح هاديا
وقال عبد الوارث: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بكر شيخ يعرف، ونبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَابُّ لَا يُعْرَفُ - يُرِيدُ دُخُولَ الشَّيْبِ فِي لِحْيَتِهِ دُونَهُ لَا فِي السِّنِّ - قَالَ أَنَسٌ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، فَيَحْسَبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي طَرِيقَ الْخَيْرِ. فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا فارس قد لحق، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ "، فَصَرَعَهُ فَرَسُهُ، ثُمَّ قَامَتْ
الصفحة 684