كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 1)

الخالق عزّ وجل ثلاث آيات مستقلة، وهي الأولى، وحق العبد ثلاث آيات مستقلة، وهي الآيات الأخيرة، والسابعة بينهما، وبهذا يعرف أن البسملة ليست من الفاتحة.
وأما الجار والمجرور فإنه متعلق بمحذوف، وهذا المحذوف فعل مؤخر يقدر بحسب المسمى عليه، فإذا كنت تريد أن تقرأ فالتقدير: باسم الله أقرأ، وإذا كنت تريد أن تذبح فالتقدير: باسم الله أذبح، وإذا كنت تريد أن تتوضأ فالتقدير: باسم الله أتوضأ، وهلم جرا.
وإنما اختير أن يكون الفعل متأخرًا تيمنًا بالبداءة باسم الله من وجه، ولإفادة الحصر من وجه آخر؛ لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، فكأنك تقول: لا أقرأ إلا باسم الله، وإنما اختير أن يكون فعلًا لا اسمًا - أي: لا يقدر باسم الله قراءتي، أو باسم الله ابتدائي-؛ لأن الأصل في العمل الأفعال دون الأسماء، ولذلك لا يوجد اسم عامل إلا بشروط، بخلاف الأفعال. وإنما قدر مناسبًا لما يسمى عليه؛ لأنه أنسب، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومن لم يذبح فليذبح باسم الله" (¬١)، فقدر فعلًا خاصًا وهو الذبح.
أما لفظ الجلالة فهو علم خاص بالله عزّ وجل وحده، لا
---------------
(¬١) رواه البخاري، كتاب العيدين، باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد .. ، حديث رقم (٩٤٢)؛ ومسلم، كتاب الأضاحي، باب وقتها، حديث رقم (١٩٦٠) عن جندب البجلي.

الصفحة 10