كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 1)

خلقنا من نفس واحدة رب واحد، فتكون الصفة هنا صفة كاشفة.
وقوله: {خَلَقَكُمْ} أي: أوجدكم {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} هذه النفس هل يراد بها نفس بعينها، أو المراد بالنفس الجنس؟
الظاهر الأول، وهو أن المراد بالنفس نفس بعينها، وهو آدم عليه الصلاة والسلام الذي هو أبو البشر، فقد خلقه الله تعالى من طين بيده الكريمة، وعلمه أسماء كل شيء يحتاج إليه؛ لأنه خلق من غير أن يكون هناك أحد يتعلم منه اللغة، فعلمه الله تعالى اللغات التي يحتاج إليها، فيكون معنى قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١] أي: مما يحتاج إليه.
وقوله: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} أي: خلق من هذه النفس زوجها، وقد جاء في الآثار أنها خلقت من ضلَعه الأيمن - والله أعلم - لكن ثبت في السنة أن المرأة خلقت من ضلَع.
وقوله: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ولم يقل: زوجته؛ لأن اللغة الفصحى أن الزوج يطلق على الرجل والمرأة، وأصله ضد الوتر؛ لأن الزوجة إذا انضمت إلى زوجها صارت شافعة له بعد أن كان منفردًا، ولهذا يقال: الزوجة شريكة زوجها في الحياة؛ لأن بعضهما انضم إلى بعض. والمراد بها هنا حواء.
وقوله: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} بث بمعنى: نشر وأخرج {مِنْهُمَا} أي: من النفس وزوجها {رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} وهذان القسمان لا يخرج عنهما بنو آدم، وما جاء في الخنثى فإن الخنثى: إما ذكر وإما أنثى، أو مركب منهما، لكنه لا يخرج عن الذكورة والأنوثة.

الصفحة 13