كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 1)

وقوله تعالى: {رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} ولم يقل: نساءً كثيرات؛ لأن الكثرة في الرجال عز، بخلاف الكثرة في الإناث، وإن كان الواقع أن النساء من بني آدم أكثر من الرجال، كما استنبط ذلك شيخ الإسلام رحمه الله من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنكن أكثر أهل النار" (¬١)، "وإن أهل النار من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون" فإذا كن أكثر أهل النار، وأهل النار من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون؛ لزم من هذا أن يكن أكثر من الرجال، وهذا هو الواقع، لكن الكثرة في الرجال عز وفخر يفتخر الناس به، بخلاف النساء، فإن الكثرة منهن عالة وتعب وعناء.
ثم قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}، كرر الأمر بتقواه عزّ وجل لما لها من الأهمية؛ لأن الإنسان إذا وفق لتقوى الله صلحت أموره الدينية والدنيوية.
وقوله: {تَسَاءَلُونَ} فيها قراءتان: الأولى "تَسَاءلون" كما في المصحف، والثانية: "تسَّاءلون"، وأصل "تسَّاءلون" تتساءلون، وقوله: {تَسَاءَلُونَ بِهِ} أي: يسأل بعضكم بعضًا به للحماية، فيقول: أسألك بالله أن تنقذني، أسألك بالله أن لا تؤذيني، وغير ذلك مما يسأل، فالله تعالى هو الذي يتساءل به الناس.
وقوله: {وَالْأَرْحَامَ} فيها قراءتان: بالجر، وبالفتح، فإذا كانت بالفتح فهي معطوفة على قوله: "الله"، فيكون المعنى: واتقوا الأرحام فلا تضيعوها، ولا تفرطوا في حقها، والأرحام: جمع رحم، وهم القرابة، فيكون في الآية أمر بصلة الأرحام والقيام
---------------
(¬١) رواه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه (٢٦١٣) عن أبي هريرة ورواه أحمد في مسنده (٣٥٥٩) عن ابن مسعود.

الصفحة 14