كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 1)

الإنسان إذا شرع في الشيء ثم عجز عنه وتأخر نزلت قيمته عند الناس، وقالوا: هذا رجل متسرع، متعجل، كيف يدخل في أمر وهو لا يعرف كيف يخرج منه؟ !
٤ - أن الإنسان إذا كان لا يستطيع أن يقوم بالجهاد فليحسن الأعمال أو العبادات الخاصة؛ لأنه أُمر بها, لقوله: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}.
٥ - أن قتال الكفار فرض، لقوله: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ}. وهل هو فرض عين أو فرض كفاية، نقول: الأصل أنه فرض كفاية.
ويكون فرض عين كما قال العلماء في أربعة مواضع:
الموضع الأول: إذا حضر الصف؛ فإنه حينئذ يتعين عليه أن يقاتل، فإن تولى فذلك من كبائر الذنوب، لقول الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)} [الأنفال: ١٥ - ١٦] ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل التولي يوم الزحف من الموبقات.
الموضع الثاني: إذا حصره العدو فيجب عليه الدفاع؛ لأنه إذا انهزم أمام العدو صار في هذا فتنة كبيرة في الدين، والله يقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩].
وإذا حُصر بلده، فإنه يتعين عليه أن يدافع عن بلده، ولا يستسلم بقدر ما يستطيع.

الصفحة 551