كتاب تفسير العثيمين: النساء (اسم الجزء: 1)

البسملة لو نزلت لحفظت كما تحفظ آيات القرآن الأخرى.
والصحيح أن البسملة ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، ولا تحسب من آياتها؛ لا في الفاتحة، ولا في غيرها، خلافًا لبعض أهل العلم الذين قالوا: إنها آية من الفاتحة لا من غيرها، وعلى هذا جرت طباعة المصاحف، فقد جعلت البسملة في الطباعة آية من الفاتحة دون غيرها.
والصحيح أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله: حمدني عبدي ... " (¬١) إلخ الحديث، ولم يذكر البسملة.
ويدل لذلك أيضًا: أنه إذا كانت الفاتحة بين الله وبين العبد نصفين، فإنه لا يستقيم أن تكون البسملة منها؛ لأننا إذا عددنا الآيات وجدناها كما يلي: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [الفاتحة] آية {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} [الفاتحة] آية {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة] آية، فهذه ثلاث آيات .. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة] آية، وهذه هي الرابعة، وهي الوسط، وهي التي بين الله وبين العبد، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة] آية {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة] آية، فتكون الآيات متناسقة، ويكون حق
---------------
(¬١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث رقم (٣٩٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

الصفحة 9