كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)
فأما قوله: (كن)، فالكاف من كينونته، والنون من نوره، وهي كلمة تامة، بها أحدث الأشياء، وخلق الخلق، فإذا استعاذ العبد بتلك الكلمة، صارت له معاذاً، ووقي شر ما استعاذ بها منه؛ لأن العبد المؤمن لما عرف أن لا يكون شيء إلا ما جرى به القضاء والقدر، وإنما يقضي القضاء بقوله: (كن)، عظمت هذه الكلمة عنده، فصارت متعلق قلبه، فإنما تأخذه الرغبة في الأشياء، والرهبة من الأشياء، وقلبه نازع إلى مشيئته، وفؤاده مراقب لإرادته، وأذنه مصغية إلى كلمة: (كن)، وعينه شاخصة إلى تدبيره، فإذا قال: ((أعوذ بكلمة الله التامة من شر ما خلق))، وقي شر ما خلق، وصار في حصنه، وارتتع في عياذه آمناً مطمئناً.
هذا لمن قالها بيقظة، وعقل ما يقول، وهذا القول منه تحقيق الإيمان؛ لأنه آمن برب ٍ لا يملك أحدٌ سواه شيئاً، ولا شريك له في شيءٍ، وهذا لأهل اليقين الذين إذا قال أحدهم هذا القول استقر قلبه بعد القول على مقالته، واطمأنت نفسه، فأما أهل الغفلة، فإنهم يعاذون على أقدارهم بحرمة