كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)
وإنما عارضه جبريل في الهواء بما عارضه؛ ليبرز صدق مقالة إبراهيم في قوله: ((حسبي الله)) عن مكنون قلبه، وليعلم الصادقون من بعده غاية الصدق في المقالات، فاتخذه خليلاً فأشاد، ونوه باسمه في العالمين، وهو أول من يكسى يوم القيامة؛ لأنه عري في دار الدنيا في ذات الله تعالى، فبدئ به من بين الأنبياء والرسل -عليهم السلام-، فهكذا يكون قول أهل اليقين في ((حسبي الله)).
والمخلط كذبه بفعله؛ حيث تعلق بالأسباب وبالمخلوقين حتى صاروا فتنةً عليه، فقوله: ((حسبي الله))؛ قول الموحدين، قول أهل الإيمان، لأن قول المحققين قول أهل النزاهة واليقين.
فكذلك قوله: ((أعوذ بكلمة الله التامة)).
فالمقرب عينه وأذنه إلى تدبيره وقضائه في قوله: (كن).
والمخلط عينه وأذنه على الأسباب والحيل، والحرز والحصون والوقايات، فيعاذ على قدره؛ لحرمة قوله، واعترافه بأنها كلمة إيمان.
فالاستعاذة بالله تعلقٌ به محضاً، والاستعاذة بكلمته تعلقٌ بتدبيره؛