كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)
{ومن شر النفاثات في العقد}، وهو السحر، يعقد الساحر الذي قد باع آخرته، واشترى بها دنياه، فأعطي ما تمنى واختار، وربنا واسعٌ كريم، طلب آدم التوبة والطاعة، فأعطي، وطلب إبليس تضليل ولد آدم وغوايتهم، وأن يعطى سلطان ذلك له، فأعطي، وطلب الساحر منى الدنيا، وأن يعطى كل شيء يتمناه من الدنيا برفض الآخرة، وأن لا خلاق له فيها، فأعطي، فهو يعقد خيطاً أو وتراً على منيته، وينفث فيه من نفسه الخبيثة، ونفسه الرجس، فيصل ضرره إلى من يتمنى ذلك عليه، {وما هم بضارين به من أحدٍ إلا بإذن الله}.
فأمره أن يستعيذ برب الفلق الذي فلق قلبه بنوره، من شر الذي نفث في العقد؛ ليأخذ بقلبه عن الذي فلق قلبه عن طاعته إلى هواه.
ولما سُحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عجز عن نسائه، وأخذ بقلبه، لبث في ذلك ستة أشهر فيما روي في الخبر، ثم نزلت المعوذتان إحدى عشرة آية، فاستخرج الوتر فيه العقد من ذلك البئر، فكان كلما قرأ آية من المعوذتين، انحلت عقدة حتى حل العقد كلها وبرئ.
{ومن شر حاسدٍ إذا حسد}، وهو العين، والحاسد والحاصد بمعنىً واحد، فهو يحصده بعينه أي: يقطعه من الأصل هلاكاً ودماراً، وهو أن يعجب بالشيء، فلا يذكر خالقه، فإذا هو قد حصده ودمره.
والحسد: إرادتك التي تريد بها إبطال ذلك الشيء.