كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)

والإيمان: هو خضوع العبد لربه، وإلقاؤه بين يديه له سلماً، والكبر ضده، الغضب منه يبدو، وينزغ الشيطان بنفثه ونفخه حتى يتوقد ويهتاج، فلذلك قال: يفسد الإيمان، فيكدره، ويمرره.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إني لأعلم كلمةً لو قالها، لذهب عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم))، وذلك عندما رأى رجلاً يتمزع من الغضب، وهو قوله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله}.
وإنما وضع هذا الميسم من النار في هذا الموضع من الآدمي؛ لكي يغضب لله تعالى في المواضع التي ينبغي، فإن في الغضب قوة للآدمي على أمر الله تعالى، وهو محتاج إلى أن يعادي أعداءه ويحاربهم، فبالغضب يتقوى حتى يحاربهم، وبالغضب يقدر يغير المنكر، ويقيم حقوق الله عز وجل وحدوده، فللحق نفخةٌ في تلك الجمرة التي هي ميسمٌ، وللشيطان نفخةٌ في وقته، فنفخة الشيطان لها زهومةٌ ورجاسة، فلذلك يفسد الإيمان ونزاهته وطهارته وطيبه، وإذا كانت نفخة الحق، فإنه يتقوى، ويحمر وجهه، ويمتلئ من نور الحق، ولا يفسد الإيمان، ولا يذهب بطهارته وطيبه، فالنفس طيبةٌ، والقلب قويٌ ذو سلطان، والأركان عاملة، والأمر مستمرٌ.

الصفحة 32