كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)

قال أبو عبد الله رحمه الله: فالعلم ما يتصور في الصدر، وذلك أن الإيمان مستقره في القلب، فإذا أشرق نوره في الصدر، ثم اعترضت فكر في الأمور من الخير والشر، صار لكل فكرة ظل في الصدر على هيئة، فالخير يتصور في بهائه وحسنه وزينته، والشر في قبحه وشينه وظلمته، فإنما قيل: علمٌ؛ لأنه علائم الإيمان، قد أظهر في الصدر باطن ما في القلب، فهو خليله؛ لأنه قد خله إلى الإيمان؛ أي: ضمه، لما ظهر العلم اهتدى، فمال إلى من آمن به؛ ليأتمر بأمره، وينتهي عن نهيه.
والخلة: الضمة في اللغة، يقال: هذا ثوبٌ خليلٌ، وهو الذي شكه بالخلال، فضمه إلى نفسه، فكذلك العلم، لما ظهر في صدر المؤمن، شكه وجمعه، حتى لا تنتشر جوارحه في شهواته وهواه.
((والحلم وزيره)):
فالحلم: هو سعة الصدر، وطيب النفس، فإذا وسع الصدر، وانشرح بالنور، أبصرت النفس رشدها من غيها، وعواقب الخير والشر، فطابت، وإنما تطيب النفس بسعة الصدر، وإنما يتسع الصدر بولوج النور الوارد من عند الله، وهو قوله تعالى: {أفمن شرح الله صدره للإسلام

الصفحة 370