كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)
وأما قوله: ((الصحة لمن اتقى خيرٌ من الغنى))؛ فإن صحة الجسد عوناً على العبادة، فالصحة مالٌ ممدود، والسقيم عاجز، والعمر الذي أعطي به تقوم العبادة، والصحة مع العمر خيرٌ من الغنى مع العجز، والعاجز كالميت.
وأما قوله: ((وطيب النفس من النعم)). فقد ذكرنا بدءاً: أنه من روح اليقين على القلب، وهو النور الوارد الذي قد أشرق في الصدر، فأراح القلب والنفس من الظلمة والضيق والضنك؛ لأن النفس بشهواتها في ظلمةٍ، والقلب في تلك الظلمات قد أحاطت به، فالسائر إلى مرعاه في ظلمةٍ، يشتد عليه السير، ويضيق صدره لما يتخوف في الطريق من المهاوي والمخاوف، ومن الآبار، ووعورة الطريق، وغير ذلك من الهوام والسباع واللصوص، فهو يسير في ثقل وصعوبة، فيحل به من عسرته النكد والتعب والنصب.
وإذا أضاء له الصبح، انفقأت الظلمة، ووضح الطريق، وزالت المخاوف، وذهبت العسرة، واستراح القلب، واطمأنت النفس.
فكذلك السائر بقلبه بشريعة الإسلام إلى الله، إذا كان قلبه في ظلمة شهواته وهواه، هو بهذه الصفة.