كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)
المؤمن، يهدئ نفسه، ويطمئن قلبه، وتجد أركانه راحة ذلك، وحدته، وشدته، وغضبه تعب بدنه، وعذاب نفسه، ونصب قلبه، وإنما يلين قلبه بهدوء نفسه، وإنما تهدأ نفسه بموت شهواتها، وإنما تموت شهواتها بما أبصر قلبه بنور اليقين من جلال الله، وعظمته، فصار كالدهن باللين، ومن غلظ قلبه، وفظ، واشتد، فمن القسوة، وإنما يقسو قلبه من الغفلة عن الله، فإنما يلين القلب لما ترطب بذكر الله، وقد قال جل جلاله: {فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله}.
وفي اللغة السائرة: قسا وعتا وعسا، يقسو ويعسو ويعتو، كلها قريبة المعنى، يرجع المعنى إلى أنه يبس وكز، وضد ذلك: رطب فلانٌ.
قال الله تعالى: {فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.
فالفظاظة وغلظ القلب يفرق المجموع، ويبدد المؤتلف، واللطافة ورقة القلب تجمع المتفرق، وتؤلف المتبدد، وإن القلب يلطف ويرق من النور وسببه: الرحمة، ويفظ ويغلظ من حرارة الشهوات، وقوة الغذاء، والدم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنه المداومة على الحجامة إلى أن قبض -عليه الصلاة والسلام-.
وقال: ((ما مررت بملأٍ من الملائكة إلا أمروني بالحجامة، وقالوا