كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)

من رائحته، وتذهب معه الحياة، فليس ذلك وقت توبة، فأما قبل حضور ملك الموت، فالتوبة مبسوطة، وإن كان في السوق.
وباب التوبة مفتوحٌ إلى طلوع الشمس من مغربها، فكلما أذنب العبد، ثم تاب، فقد رجع إلى الله، ودواء الذنب: التوبة، وشفاء العبد منه إذا ماتت شهوة ذلك الذنب منه.
فقوله: إذاً يكثر يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عفو الله أكثر من ذنوبك))؛ أي: فضل الله على العبد أكثر من نقصان العبد، فإنه كلما أذنب، أبق من ربه، فكلما أبق، ازداد عيباً، وكلما ازداد عيباً، ازداد نقصاً في القدر والجاه، قال: ففضل الله على العبد أكثر من نقصانه؛ لأنه يتفضل من كرمه ومجده، (فالعبد ينقص من لؤمه وفقره، فكلما ظهر نقص، تفضل عليه بسترٍ يستره حتى لا يبدو نقصه وعيبه، فإن كثرت ذنوبه، فستره أكثر من ذنوب العبد، وإن كثر نقصه وعيبه، ففضله أكثر، وفضله على عبيده من جماله، والعبد مع نقصه وعيبه يرجع إلى ربه، فربه بفضله وكرمه وجماله أولى بالرجوع على عبده بأمله)).
ورجوع العبد إلى ربه من فضله، فكم من مذنبٍ قد منعه من فضله، وحل به سخطه، وحرم التوفيق والتوبة!

الصفحة 383