كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)

في العبادة، وفي قلوبهم زيغٌ، فمرقوا من الدين بما أغواهم شيطانهم.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وصفهم، فقال: ((يقرؤون القرآن، ويقيمونه إقامة القدح، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)).
ما زال بهم التعمق والتنطع حتى أكفروا الموحدين بذنب واحدٍ، حتى صاروا بذلك إلى الأنبياء؛ للزيغ الذي في قلوبهم، دخلوا فيما لم يأذن الله به، فقاسوا الدين برأيهم، وتأولوا التنزيل على غير وجهه، وفحصوا عن متشابه القرآن، ولجوا فيه؛ ليعلموا ما ستر الله علمه عن العباد، وهم الذين وصفهم الله في تنزيله فقال: {فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌّ من عند ربنا}.
ثم ذكر فزع الراسخين إلى ربهم عندما رأوا خذلان الزائغين، فقالوا: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب}.
ولدن: كلمة عند العرب معناها: عند، وأن الرحمة التي خلقها مئة رحمة، فقسم واحدةً منها بين عباده، وادخر عنده تسعاً وتسعين، ورحمته أوسع وأفضل من هذه المئة التي خلقها، فسأله الراسخون في العلم رحمةً من لدنه؛ أي: من عنده تكون تلك الرحمة عصمةً لهم من الزيغ الذي حل

الصفحة 386