كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 1)
بالآخرين، فتهوكوا بعدما كانوا أبصروا، وخذلوا بعد ما كانوا أبدوا، حتى صاروا كلاب النار.
قال أبو عبد الله رحمه الله: فهم كما وصفهم الله يتبعون ما تشابه (من القرآن، يبتغون بها الفتنة)، حملوا الخاص على العام، والعام على الخاص، وتمسكوا بآخر الآية، ولهوا عن أولها.
حتى قال قائلهم يوماً لجابر بن عبد الله: أنت الذي تقول: يخرج الله من النار قوماً بعدما أدخلهم فيها؟ قال: نعم. سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأين قول الله تعالى: {وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ}.
فقال جابر: انظر لمن هذا في مبتدأ الآية: {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذابٌ أليمٌ. يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذابٌ مقيمٌ}.
فالمؤمن يستر، والمؤمن يرحم، ويعطف، والمؤمن يحوط ويستغفر، ويتوقى أن يلوم، ويعير، ويرجو له من الله المغفرة والرحمة، ويرجيه ويؤمله، وهذا المفتون: يهتك، ويعير، ويؤنب، ويؤيس، ويقنط، ويكفر، فهذه أخلاق الكلاب، وبفعلهم وبقولهم كلبوا على عباد الله، ونظروا إليهم بعين البغضة والملامة، فلما دخلوا النار، صاروا في هيئة أعمالهم كلاباً، كما كانوا على الموحدين في الدنيا كلاباً.