كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 1)

فِي حُدُود الْخمسين أَو قبلهَا وَقدم الْقَاهِرَة وَحفظ الْقُرْآن وكتبا وتفقه بالجمال الأسنوي ولازم البُلْقِينِيّ ورحل بعد الأسنوي)
إِلَى الشهَاب الْأَذْرَعِيّ بحلب فِي سنة سبع وَسبعين وبرع فِي الْفِقْه جدا بِحَيْثُ كَانَ عجبا فِي استحضاره سِيمَا كَلَام الْمُتَأَخِّرين بل كَانَ أمة فِي ذَلِك مَعَ مُشَاركَة فِي النَّحْو وَالْأُصُول قَالَ الْعَلَاء ابْن خطيب الناصرية: حضرت عِنْده فِي الْقَاهِرَة بالناصرية والسابقية وقرأت عَلَيْهِ ورأيته أمة يستحضر كثيرا من الْفِقْه خُصُوصا كَلَام الْمُتَأَخِّرين وَلم أر بهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَهُوَ سنة ثَمَان أَو تسع وَثَمَانمِائَة من يستحضر كاستحضاره مَعَ شدَّة فقره وَقلة وظائفه بل أَخْبرنِي من أَثِق بِهِ أَن الْعِمَاد الحسباني عَالم دمشق شهد لَهُ لما اجْتمع بِهِ أَنه أعرف الشَّافِعِيَّة بالفقه فِي عصره وَقَالَ وَلَقَد شاهدته يجاري البُلْقِينِيّ حَتَّى يخرج ويلج هُوَ فَلَا يرجع وَلَا يزَال الصَّوَاب يظْهر مِنْهُ فِي النَّقْل وَقَالَ الْجمال عبد الله بن الشهَاب الْأَذْرَعِيّ إِنَّه لما قدم عَلَيْهِم حلب كَانَ يكْتب المجلد من الْقُوت يَعْنِي لِأَبِيهِ فِي شَهْرَيْن وَينظر فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة على مَوَاضِع وَيُرَاجع الشَّيْخ فيصلح بَعْضهَا وينازعه فِي بَعْضهَا زَاد غَيره فَكَانَ الْأَذْرَعِيّ يعْتَرف لَهُ بالاستحضار وَقَالَ التقى بن قَاضِي شُهْبَة حكى لي صاحبنا يَعْنِي الْجمال الْمَذْكُور قَالَ جَاءَ البيجوري إِلَى الْوَالِد بِكِتَاب الْعِمَاد الحسباني يوصيه بِهِ فَقَالَ لَهُ مَا تُرِيدُ قَالَ أكتب الْقُوت وأقرؤه فأخلى لَهُ بَيْتا وَقَالَ لَهُ هَات حوائجك فَقَالَ مَا معي شَيْء فَأرْسل إِلَيْهِ أثاثا وكتبا وَخمْس دسوت ورق قَالَ فَكَانَ يكْتب كل مُجَلد فِي شَهْرَيْن وَينظر فِي كل لَيْلَة على مَوَاضِع ويعرضها على الشَّيْخ فبعضها يصلحه وَبَعضهَا ينازعه فِيهِ والقوت فِي خطّ المُصَنّف فِي سِتَّة أَجزَاء والغنية فِي أَرْبَعَة وَلما فرغ جمع لَهُ من أهل حلب دَرَاهِم وَاشْترى لَهُ فرسا وَخرج هُوَ وأعيان الْبَلَد بأسره حَتَّى وَدعوهُ قَالَ التقي وَقد رَأَيْت نُسْخَة المُصَنّف بالقوت وَلَا بنظيرات كَثِيرَة وَالظَّاهِر أَنَّهَا بِخَط الْبُرْهَان وَكثير مِنْهَا لسُقُوط كلمة أَو حرف وَلما رَجَعَ من حلب وَوصل لدمشق كَانَ أول من وصل بالقوت إِلَيْهَا فأرغبه النَّجْم بن الجابي فِي الثّمن وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ فَبلغ الْأَذْرَعِيّ فَأرْسل إِلَيْهِ يعتب عَلَيْهِ فِي تفريطه وَعدم استصحابه مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وَإنَّهُ كَانَ مُرَاده دُخُوله بِهِ ووقوف الاسنائي عَلَيْهِ انْتهى والاسنوي كَانَ قد مَاتَ قبل ارتحاله وَكَذَا قَالَ الْبُرْهَان سبط ابْن العجمي أَنه قدم عَلَيْهِم فِي سنة سبع وَسبعين وَنزل بالعصرونية وَكتب الْقُوت وَكَانَ يعقب على أَمَاكِن من دماغه حِين

الصفحة 18